للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ وَجَدَ بِالدَّارِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِهِ، وَلَا يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ إلَى غَيْبَةِ الَّذِي وَكَّلَهُ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ وَمَا دَامَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، فَهُوَ فِي حُكْمِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، كَالْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ وَإِذَا قَالَ: قَدْ وَكَّلْتُك بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَخَذَهُ، فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ وَقَعَ بِذَلِكَ أَوْ بِأَقَلَّ، فَهُوَ وَكِيلٌ وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ فَلَيْسَ بِوَكِيلٍ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ يَكُونُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الشِّرَاءُ بِهِ وَالْوَكِيلُ بِشِرَاءِ عَيْنٍ بِعَشَرَةٍ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ، وَلَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ لِلْمُوَكِّلِ، فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِمَّا سُمِّيَ، فَقَدْ وَكَّلَهُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْوَكِيلِ الْقِيَامُ بِهِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: وَكَّلْتُك بِطَلَبِهَا إنْ كَانَ فُلَانٌ اشْتَرَاهَا لِأَنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ، فَالْإِنْسَانُ قَدْ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْخُصُومَةِ مَعَ شَخْصٍ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْخُصُومَةِ مَعَ غَيْرِهِ وَقَدْ يَرْغَبُ الشَّفِيعُ فِي الْأَخْذِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي إنْسَانًا بِعَيْنِهِ، وَلَا يَرْغَبُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَهُ؛ فَلِهَذَا اعْتَبَرْنَا تَقْيِيدَهُ وَإِذَا كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِوَرَثَةٍ مِنْهُمْ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْحَمْلُ الَّذِي لَمْ يُولَدْ بَعْدُ فَهُمْ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ بِالْإِرْثِ فَبِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ يَتَحَقَّقُ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ مِنْ جِوَارٍ أَوْ شَرِكَةٍ وَإِذَا وَضَعَتْ الْحُبْلَى حَمْلَهَا وَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمَيِّتِ شَارَكَتْهُمْ فِي الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَضْعُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّا لَمَّا حَكَمْنَا بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمَيِّتِ، فَقَدْ حَكَمْنَا بِالْإِرْثِ لَهُ وَبِكَوْنِهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْبَيْعِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِي الدَّارِ غَائِبًا أَخَذَ الْحَاضِرُ الدَّارَ الْمَبِيعَةَ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فِي ذَلِكَ.

وَإِنْ اشْتَرَى دَارًا بِجَارِيَةٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَبْطَلْتُ الْبَيْعَ وَالشُّفْعَةَ وَإِنْ كَتَبَ قَدْ وَصَّيْت بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الْعُلُوقِ مِنْ مِلْكِ بَائِعِهَا يُثْبِتُ لَهُ حَقَّ اسْتِحْقَاقِ النَّسَبِ وَذَلِكَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ فِي إبْطَالِ مَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَالْقَضَاءُ بِالشُّفْعَةِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَنَفْسِ الْبَيْعِ ثُمَّ بِدَعْوَى النَّسَبِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا مِنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهَا بِأُمِّ الْوَلَدِ وَبِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الِاسْتِحْقَاقِ نَظِيرَهُ فَكَذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ الْوَلَدَ لِأَمَتِهِ.

وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِطَلَبِ كُلِّ دَيْنٍ لَهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ فَلَهُ أَنْ يَتَقَاضَى مَا كَانَ لَهُ مِنْ دَيْنٍ وَمَا حَدَثَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّوْكِيلِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَفِي الْعُرْفِ يُرَادُ جَمِيعُ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي كُلِّ عِلَّةٍ لَهُ أَوْ يَبْتَعْهَا دَخَلَ فِيهِ مَا يَحْدُثُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ مِيرَاثٍ لَهُ وَإِذَا وَكَّلَهُ بِمَالِهِ وَلَمْ يُرِدْ عَلَى هَذَا فَفِي الْقِيَاسِ التَّوْكِيلُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَا وَكَّلَهُ بِهِ مَجْهُولٌ جَهَالَةً مُسْتَدِيمَةً لَهُ وَالْوَكِيلُ يَعْجِزُ عَنْ تَحْصِيلِ مَقْصُودِ الْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>