مَقْبُوضَةٍ وَالدَّارُ مَقْبُوضَةٌ أَوْ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ انْتَقَضَ الْبَيْعُ لِفَوَاتِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ، فَالْإِسْلَامُ يَمْنَعُ قَبْضَ الْخَمْرِ بِحُكْمِ الْبَيْعِ كَمَا يَمْنَعُ الْعَقْدَ عَلَى الْخَمْرِ، وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ بِأَصْلِ الْبَيْعِ وَقَدْ كَانَ صَحِيحًا وَبَقَاؤُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِبَقَاءِ حَقِّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي الْخَمْرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ بِسَبَبِ إسْلَامِهِ وَبِذَلِكَ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَمْ يَبْطُلْ بِهِ حَقُّ الشَّفِيعِ فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ إنْ كَانَ هُوَ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مُسْلِمًا لِتَعَذُّرِ تَمْلِيكِ عَيْنِ الْخَمْرِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ أَخَذَهَا بِمِثْلِ تِلْكَ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَدْ تَعَذَّرَ الْقَبْضُ وَالتَّسْلِيمُ فِي الْخَمْرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ بِسَبَبِ إسْلَامِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَإِذَا كَانَ إسْلَامُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْرِ قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ، فَالْبَيْعُ بَيْنَهُمَا يَبْقَى صَحِيحًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَقْدِ فِي الْخَمْرِ يَنْتَهِي بِالْقَبْضِ وَالْإِسْلَامُ لَا يَمْنَعُ قَبْضَ الدَّارِ، فَإِذَا اشْتَرَى الدَّارَ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَعْضِ مَا لِلْمُشْتَرِي وَتَصَرُّفِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ كَانَ جَعَلَ الدَّارَ مَسْجِدًا ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَ الْبَيْعَةِ مَعْصِيَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الطَّاعَةِ وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَبِيعَتْ الدَّارُ فِي دَيْنِهِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ الثَّانِي كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي بَاعَهَا بِنَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِلدَّارِ بِالْخَمْرِ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَةِ الْخَمْرِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ.
وَإِذَا اشْتَرَى الذِّمِّيُّ مِنْ الذِّمِّيِّ دَارًا بِخَمْرٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ صَارَتْ خَلًّا وَأَسْلَمَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ، فَنَقُولُ: إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ وَلَمْ يُسْلِمْ الْبَائِعُ أَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ بَعْدَ إسْلَامِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَسْلَمَا مَعًا بَقِيَ النِّصْفُ الْمُسْتَحَقُّ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الْخَلِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ وَخَمْرُ الْمُسْلِمِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْكَافِرِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْخَلَّ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ، فَأَمَّا فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ لِبَعْضِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ، فَإِنْ اخْتَارَ فَسْخَ الْعَقْدِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْخَلِّ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْخَمْرَ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً لَهُ عَلَى أَحَدٍ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا
فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهَا رَدَّهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْخَلِّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَا يَتَنَاوَلُ هَذَا بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا تَنَاوَلَ خَمْرًا فِي الذِّمَّةِ فَعِنْدَ الْفَسْخِ يَعُودُ حَقُّهُ فِي ذَلِكَ وَالْخَمْرُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا لِلْمُسْلِمِ عَلَى آخَرَ، فَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute