للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ دُونَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، فَأَمَّا عَلَى مَا رَوَاهُ زُفَرُ وَعَاقَبَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ إسْلَامِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ، فَنَقُولُ: فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الْخَلِّ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ نِصْفَ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي هَذَا النِّصْفِ كَانَ بَاطِلًا وَالْخَمْرُ تَكُونُ مَضْمُونَةً لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَقَدْ تَغَيَّرَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ حِينَ تَخَلَّلَتْ، فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِالتَّغَيُّرِ وَبِأَخْذِ نِصْفِ الْخَلِّ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَفِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ يَتَخَيَّرُ لِبَعْضِ الْمِلْكِ، فَإِنْ فُسِخَ الْعَقْدُ وَكَانَتْ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِنِصْفِ الْخَلِّ وَبَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ لِلتَّغَيُّرِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، فَإِذَا فُسِخَ الْعَقْدُ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ لَا غَيْرَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَا يَتَنَاوَلُ هَذَا الْعَيْنَ وَعِنْدَ الْفَسْخِ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ فَلِهَذَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْخَلَّ فَفِي الْمُعَيَّنِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الْخَلَّ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مِثْلِهِ، فَالرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ وَهُوَ عَلَى التَّخْرِيجِ الَّذِي بَيَّنَّا.

وَإِذَا بَاعَ الذِّمِّيُّ كَنِيسَةً أَوْ بِيعَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ، فَالْبَيْعُ جَائِزٍ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُمْ أَعَدُّوا هَذِهِ الْبُقْعَةَ لِلْمَعْصِيَةِ، فَلَا تَزُولُ عَنْ مِلْكِهِمْ بِذَلِكَ وَجَوَازُ الْبَيْعُ فِيهَا كَجَوَازِهِ فِي دَرَاهِمَ بِخِلَافِ الْمَسَاجِدِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، فَالْمَسْجِدُ يَتَجَرَّدُ عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَيَصِيرُ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا وَهَذَا؛ لِأَنَّ صَيْرُورَةَ الْبُقْعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى يَجْعَلُهَا مُعَدَّةً لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا لَا لِلشِّرْكِ وَالْمَعْصِيَةِ.

(قَالَ: وَصَاحِبُ الطَّرِيقِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ صَاحِبِ مَسِيلِ الْمَاءِ)؛ لِأَنَّ عَيْنَ الطَّرِيقِ مَمْلُوكٌ لِصَاحِبِهِ وَصَاحِبُ الطَّرِيقِ شَرِيكٌ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ، فَأَمَّا صَاحِبُ الْمَسِيلِ لَهُ حَقُّ سَيْلِ الْمَاءِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ مِلْكِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَالشُّفْعَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِمِثْلِهِ كَجَارِ السُّكْنَى وَصَاحِبِ الْمَسِيلِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ جَارٌ لَا تُصَارُ مِلْكُهُ بِالدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَالشَّرِيكُ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَارِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ فِي الدَّارِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَارٌ لِصَاحِبِهِ بِمَنْزِلَةِ بَيْتَيْنِ مُتَجَاوِرَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْكَلَامِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعُلْوِ بِالشُّفْعَةِ وَصَاحِبُ الْجِذْعِ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الدَّارِ أَوْ الْهَوَادِي بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُسْتَعِيرِ بِوَضْعِ الْهَوَادِي عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، فَلَا تُسْتَحَقُّ الشُّفْعَةُ بِاعْتِبَارِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ فِي أَصْلِ الْحَائِطِ، فَإِنَّ الشَّرِيكَ فِي أَصْلِ الْحَائِطِ شَرِكَتُهُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الشَّرِيكِ فِي الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ شَرِكَتَهُ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ.

وَإِذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ أَرْضَ عُشْرٍ وَلَهَا شُفَعَاءُ ثَلَاثَةٌ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ وَثَعْلَبِيٌّ فَأَخَذُوهَا بِالشُّفْعَةِ فَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>