مَا ادَّعَى الشَّفِيعُ مِنْ ثُبُوتِ حَقِّ الْأَخْذِ لَهُ فِي النِّصْفِ دُونَ النِّصْفِ، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَهَبَ لِي هَذَا الْبَيْتَ بِطَرِيقِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَبَاعَنِي مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ اشْتَرَيْت الدَّارَ كُلَّهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْتِ لِإِنْكَارِهِ سَبَبَ ثُبُوتِ حَقِّ الشَّفِيعِ فِيهِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الدَّارَ كُلَّهَا غَيْرَ الْبَيْتِ وَطَرِيقِهَا إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ بِوُجُودِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِحَقِّ الشَّفِيعِ فِيمَا سِوَى الْبَيْتِ وَادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقَّ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ، فَلَا يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ فَلِهَذَا كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مَا سِوَى الْبَيْتِ وَإِنْ جَحَدَ الْبَائِعُ هِبَةَ الْبَيْتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا، فَالْبَيْتُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى إبْطَالِ شُفْعَةِ الشَّفِيعِ فِي سَائِرِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ شَرِكَتَهُ فِي الطَّرِيقِ سَابِقًا عَلَى الشِّرَاءِ لَا يَظْهَرُ بِقَوْلِهِمَا حَقُّ الشَّفِيعِ، إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَحِينَئِذٍ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ، كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ فَيَصِيرُ هُوَ أَوْلَى بِالدَّارِ مِنْ الْجَارِ.
وَلَوْ ادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَدَمَ طَائِفَةً مِنْ بِنَاءِ الدَّارِ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَدَّعِي سَبَبًا مُسْقِطًا لِبَعْضِ الثَّمَنِ عَنْهُ بَعْدَ أَخْذِهِ الدَّارَ وَالْمُشْتَرِي مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ بِبَيِّنَتِهِ سُقُوطَ بَعْضِ الثَّمَنِ عَنْهُ.
رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ بِطَرِيقِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مُنْذُ شَهْرٍ قَضَيْتُ بِالْبَيْتِ لِصَاحِبِ الشَّهْرِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ حَادِثٌ وَإِنَّمَا يُحَالُ بِشِرَائِهِ بِحُدُوثِهِ عَلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ الشُّهُودُ بِسَبْقِ التَّارِيخِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ شُهُودُ صَاحِبِ الْبَيْتِ فَيُقْضَى لَهُ بِالْبَيْتِ لِتَقَدُّمِ عَقْدِهِ فِيهِ ثُمَّ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ؛ لِأَنَّ شَرِكَتَهُ فِي الطَّرِيقِ تَثْبُتُ قَبْلَ ثُبُوتِ شِرَاءِ الْآخَرِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ، فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَارِ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ شُهُودُ صَاحِبِ الْبَيْتِ قَضَيْتُ بِالْبَيْتِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ مِنْهُمَا فِي الْبَيْتِ وَقَضَيْتُ بِبَقِيَّةِ الدَّارِ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَى كُلَّهَا؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ شِرَاءَهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا مُزَاحِمَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الدَّارِ، وَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ سَبْقُ شِرَاءِ أَحَدِهِمَا وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ ظَهَرَا وَلَا يُعْرَفُ تَارِيخٌ بَيْنَهُمَا فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا.
وَلَوْ كَانَتْ الدَّارَانِ مُتَلَازِقَتَيْنِ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى إحْدَاهُمَا مُنْذُ شَهْرٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْأُخْرَى مُنْذُ شَهْرَيْنِ قَضَيْتُ لَهُ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ مُنْذُ شَهْرَيْنِ، فَمِنْ وَقْتِ شُهُودِهِ جَعَلْت لَهُ الشُّفْعَةَ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ جِوَارُهُ سَابِقًا عَلَى بَيْعِ الدَّارِ الْأُخْرَى وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتَا قَضَيْتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَارِهِ وَلَمْ أَقْضِ بِالشُّفْعَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ تَارِيخٌ فِي الشِّرَاءَيْنِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يَقْبِضْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute