الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَصْلُحُ حُجَّةً لِدَفْعِ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا زَاحَمَهُ غَيْرُهُ فِيمَا هُوَ فِي يَدِهِ، وَلَا يَكُونُ حُجَّةً لِإِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى وَلَوْ وُقِّتَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُوَقَّتْ الْآخَرُ قَضَيْت لِصَاحِبِ الْوَقْتِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْآخَرِ حَادِثٌ، فَإِنَّمَا يُحَالُ بِحُدُوثِهِ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى هِبَةً مَقْبُوضَةً مُؤَقَّتَةً فَالْهِبَةُ مَعَ الْقَبْضِ فِي إفَادَةِ الْمِلْكِ، كَالشِّرَاءِ.
وَإِذَا كَانَ دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ، وَفِيهِ دُورٌ لِقَوْمٍ فَبَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَرْبَابِ تِلْكَ الدُّورِ بَيْتًا شَارِعًا فِي السِّكَّةِ الْعُظْمَى، وَلَا طَرِيقَ لَهُ فِي الدَّارِ فَلِأَصْحَابِ الدَّرْبِ أَنْ يَأْخُذُوا الْبَيْتَ بِالشُّفْعَةِ لِشَرِكَتِهِمْ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ سَلَّمُوهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْبَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا شُفْعَةَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِلْبَيْتِ فِي الدَّرْبِ فَبِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ قَدْ انْقَطَعَتْ شَرِكَةُ الطَّرِيقِ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ مَعَ أَصْحَابِ الدَّرْبِ وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْبَيْتِ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ قِطْعَةً مِنْ الدَّارِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ لَهَا فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ لِقِيَامِ شَرِكَتِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَقْتَ الْبَيْعِ، فَإِنْ سَلَّمُوهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُشْتَرِي، فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، إلَّا لِمَنْ يُجَاوِرُهَا لِانْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي وَإِذَا كَانَ الدَّرْبُ غَيْرَ نَافِذٍ وَفِي أَقْصَاهُ مَسْجِدُ خُطْبَةٍ وَبَابُ الْمَسْجِدِ فِي الدَّرْبِ وَظَهَرَ الْمَسْجِدُ وَجَانِبُهُ الْآخَرُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَبَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ فِيهَا، إلَّا لِمَنْ يُجَاوِرُهَا بِالْجِوَارِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ النَّافِذِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَوْضِعَ الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِأَهْلِ الدَّرْبِ وَأَنَّ أَهْلَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الْمَسْجِدِ بَابٌ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ لِيَدْخُلُوهُ لِلصَّلَاةِ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الدَّرْبِ وَلَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا فِي ذَلِكَ الدَّرْبِ لِيُصَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَخْرُجُوا مِنْ جَانِبِ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ النَّافِذِ، فَلَا تُسْتَحَقُّ الشُّفْعَةُ، إلَّا بِالْجِوَارِ وَعَلَى هَذَا حُكْمُ السِّكَكِ الَّتِي فِي أَقْصَاهَا الْوَادِي الْمُجْتَازُ وَلَوْ كَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ دُورٌ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ كَانَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْآنَ لَيْسَ بِطَرِيقٍ نَافِذٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ؛ لَمْ يَصِرْ الطَّرِيقُ نَافِذًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَوْ رُفِعَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ؛ صَارَ الدَّرْبُ طَرِيقًا نَافِذًا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا يُجْعَلُ الْمَسْجِدُ بِمَنْزِلَةِ فِنَاءٍ وَلَوْ كَانَ فِي أَقْصَى الدَّرْبِ بَابٌ نَافِذٌ إلَى السِّكَّةِ الْعُظْمَى كَانَ ذَلِكَ طَرِيقًا نَافِذًا وَإِنْ كَانَ الْفِنَاءُ إلَى دُورِ قَوْمٍ لَمْ تَكُنْ سِكَّةً نَافِذَةً
وَلَوْ كَانَ مَوْضِعُ الْمَسْجِدِ دَارًا فِيهَا طَرِيقٌ إلَى الدَّرْبِ يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ آخَرَ مِنْهَا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ، فَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لِلنَّاسِ لَيْسَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ أَنْ يَمْنَعُوهُ، فَلَا شُفْعَةَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ إلَّا بِالْجَوَازِ وَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لِأَهْلِ الدَّارِ خَاصَّةً فَأَهْلُ الدَّارِ شُفَعَاءُ بِالشَّرِكَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute