فِي الطَّرِيقِ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي لَهُمْ خَاصَّةً مِلْكٌ لَهُمْ وَإِنْ أَرَادُوا سَدَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْأَوَّلِ الطَّرِيقُ لِلْعَامَّةِ وَلَوْ أَرَادَ أَهْلُ الدَّرْبِ سَدَّهُ مُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ فَلِهَذَا لَا يَسْتَحِقُّونَ الشُّفْعَةَ بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ.
وَإِنْ كَانَ دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ لَيْسَ فِيهِ مَسْجِدٌ فَاشْتَرَى أَهْلُ الدَّرْبِ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهِ دَارًا وَظَهْرُهَا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَاِتَّخَذُوهَا مَسْجِدًا وَجَعَلُوا بَابَهُ فِي الدَّرْبِ وَلَمْ يَجْعَلُوا لَهُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ بَابًا أَوْ جَعَلُوا ثُمَّ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ دَارِهِ فَلِأَهْلِ الدَّرْبِ الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ قَبْلَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَانَ الطَّرِيقُ مَمْلُوكًا لَهُمْ وَكَانَتْ شَرِكَتُهُمْ فِيهَا شَرِكَةً خَاصَّةً فَبِاِتِّخَاذِ الْمَسْجِدِ لَا يُنْتَقَضُ حَقُّهُمْ وَشَرِكَتُهُمْ فِي الطَّرِيقِ بِخِلَافِ مَسْجِدِ الْخُطْبَةِ، فَذَلِكَ الْمَوْضِعُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُمْ قَطُّ بَلْ كَانَ ذَلِكَ مُصَلًّى لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَيَمْنَعُ ذَلِكَ ثُبُوتَ الشَّرِكَةِ الْخَاصَّةِ لَهُمْ فِي الدَّرْبِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْمَوْضِعِ قَبْلَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَانَ شَرِيكًا فِي الطَّرِيقِ شَرِكَةً خَاصَّةً فَبِنَاءُ الْمَسْجِدِ لَا يُغَيِّرُ مَا كَانَ مِنْ الْحَقِّ فِي الطَّرِيقِ لِهَذَا الْمَوْضِعِ بِخِلَافِ مَسْجِدِ الْخُطْبَةِ وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا هُوَ شَفِيعُهَا وَلَهَا شَفِيعٌ آخَرُ غَائِبٌ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي تَصَدَّقَ بِبَيْتٍ مِنْهَا وَطَرِيقِهِ عَلَى رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهُ مَا بَقِيَ ثُمَّ قَدِمَ الشَّفِيعُ الْغَائِبُ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ، فَإِنَّهُ تُنْتَقَضُ الصَّدَقَةُ وَالْبَيْعُ الْآخَرُ وَيَأْخُذُ نِصْفَ جَمِيعِ الدَّارِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمُشْتَرِي فَبِاعْتِبَارِ حَقِّهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَحَقُّهُ فِي النِّصْفِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَفِيعٌ مَعَهُ، فَإِذَا أَخَذَ نِصْفَ جَمِيعِ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ كَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَنْزِلَةِ دَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا مَوْضِعًا مَقْسُومًا أَوْ وَهَبَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِمَا فِي تَصَرُّفِهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الشَّرِيكِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قِسْمَتَيْنِ وَرُبَّمَا يَتَفَرَّقُ نَصِيبُهُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ حِينَ بَاعَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا صَفْقَةً وَاحِدَةً يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي نَصِيبِهِ وَإِنْ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ، فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي بَاطِلٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الشَّرِيكِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَشُبِّهَ هَذَا بِمَا لَوْ بَاعَ جِذْعًا فِي حَائِطٍ عَلَى أَنْ يَقْلَعَهُ وَيُسَلِّمَهُ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ؛ لِمَا عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الضَّرَرِ فِي التَّسْلِيمِ، فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي جَازَ الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ فِي الْمُشْتَرَكِ لَمْ يَجُزْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الشَّرِيكِ، فَإِذَا بَاعَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، فَقَدْ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى.
وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ لِرَجُلٍ إلَى جَنْبِهَا دَارٌ فَتَصَدَّقَ بِالْحَائِطِ الَّذِي يَلِي دَارَ جَارِهِ عَلَى رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالْمَبِيعِ فَالْحَائِطُ الْمَوْهُوبُ حَائِلٌ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ مِلْكِ الْجَارِ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ حَائِطًا بِأَصْلِهِ كَانَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُتَّصِلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute