للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّخْتِ إلَى الْقِبْلَةِ طُولًا أَوْ عَرْضًا وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ اخْتَارَ الْوَضْعَ طُولًا كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي مَرَضِهِ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ الْوَضْعَ عَرْضًا كَمَا يُوضَعُ فِي قَبْرِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوضَعُ كَمَا تَيَسَّرَ فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ وَيُطْرَحُ عَلَى عَوْرَتِهِ خِرْقَةٌ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْآدَمِيُّ مُحْتَرَمٌ حَيًّا وَمَيِّتًا وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ يُؤَزَّرُ بِإِزَارٍ سَابِغٍ كَمَا يَفْعَلُهُ فِي حَيَاتِهِ إذَا أَرَادَ الِاغْتِسَالَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ: يَشُقُّ عَلَيْهِمْ غَسْلُ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ فَيُكْتَفَى بِسِتْرِ الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ بِخِرْقَةٍ ثُمَّ يُوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَيَبْدَأُ بِمَيَامِنِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا أَرَادَ الِاغْتِسَالَ بَدَأَ بِالْوُضُوءِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمَضْمَضُ وَلَا يُسْتَنْشَقُ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ إخْرَاجُ الْمَاءِ مِنْ فِيهِ فَيَكُونُ سَقْيًا لَا مَضْمَضَةً وَلَوْ كَبُّوهُ عَلَى وَجْهِهِ لِيَخْرُجَ الْمَاءُ مِنْ فِيهِ رُبَّمَا يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَتُغْسَلُ رِجْلَاهُ عِنْدَ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ الِاغْتِسَالِ فِي حَقِّ الْحَيِّ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ فِيهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ لِأَنَّهُمَا فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ وَلَا يُسَرَّحُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَفْعَلُهُ الْحَيُّ لِلزِّينَةِ وَقَدْ انْقَطَعَ عَنْهُ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ وَلَوْ فَعَلَ رُبَّمَا يَتَنَاثَرُ شَعْرُهُ وَالسُّنَّةُ دَفْنُهُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَا تُقَصُّ أَظْفَارُهُ وَلَا شَارِبُهُ وَلَا يُنْتَفُ إبِطُهُ وَلَا تُحْلَقُ عَانَتُهُ وَرَأَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَوْمًا يُسَرِّحُونَ مَيِّتًا فَقَالَتْ: عَلَّامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ ثُمَّ يُضْجِعُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيُغْسَلُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ حَتَّى يُنَقِّيَهُ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَيَغْسِلُ هَذَا الشِّقَّ حَتَّى يَرَى أَنَّ الْمَاءَ قَدْ خَلَصَ إلَى مَا يَلِي التَّخْتِ وَقَدْ أَمَرَّ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْمَاءِ فَأَغْلَى بِالسِّدْرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِدْرٌ فَحَرْضٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالْمَاءُ الْقَرَاحُ ثُمَّ يُضْجِعُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ حَتَّى يُنَقِّيَهُ وَيَرَى أَنَّ الْمَاءَ قَدْ خَلَصَ إلَى مَا يَلِي التَّخْتَ ثُمَّ يُقْعِدُهُ فَيَمْسَحُ بَطْنَهُ مَسْحًا رَفِيقًا حَتَّى إنْ بَقِيَ عِنْدَ الْمَخْرَجِ شَيْءٌ يَسِيلُ مِنْهُ لَكِيلَا تَتَلَوَّثَ أَكْفَانُهُ فَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ: طِبْت حَيًّا وَمَيِّتًا وَفِي رِوَايَةٍ فَاحَ رِيحُ الْمِسْكِ فِي الْبَيْتِ لَمَا مَسَحَ بَطْنَهُ فَإِنْ سَالَ مِنْهُ شَيْءٌ مَسَحَهُ ثُمَّ أَضْجَعَهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ حَتَّى يُنَقِّيَهُ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي اغْتِسَالِ الْحَيِّ عَدَدُ الثَّلَاثِ فَكَذَلِكَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ ثُمَّ يُنَشِّفُهُ فِي ثَوْبٍ كَيْ لَا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ وَقَدْ أَمَرَّ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَكْفَانِهِ وَسَرِيرِهِ فَأَجْمَرَتْ وِتْرًا وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ: ابْدَأْنَ بِالْمَيَامِنِ وَاغْسِلْنَهَا وِتْرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>