فَهُوَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ شُرِطَتْ فِي بَيْعٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمُقَابِلَتِهَا شَيْءٌ مِنْ الْعِوَضِ فَهُوَ إعَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِي الْبَيْعِ.
وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي طَرِيقٍ لَيْسَ بِنَافِذٍ لَهَا فِيهِ بَابٌ فَاقْتَسَمَهَا أَهْلُهَا عَلَى أَنْ يَفْتَحَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الزُّقَاقِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الزُّقَاقِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَفْتَحُ الْبَابَ بِرَفْعِ بَعْضِ الْحَائِطِ وَلَوْ رَفَعُوا جَمِيعَ الْحَائِطِ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الزُّقَاقِ مَنْعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَلِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ حَقَّ الْمُرُورِ فِي هَذَا الطَّرِيقِ إلَى أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى مِلْكِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَفْتَحُ الْبَابَ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّ نَفْسِهِ وَلَا يُرِيدُ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ.
وَلَوْ كَانَتْ مَقْصُورَةً بَيْنَ وَرَثَةٍ بَابُهَا فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ لَيْسَ لِأَهْلِ الْمَقْصُورَةِ فِيهَا إلَّا طَرِيقُهُمْ فَاقْتَسَمُوا الْمَقْصُورَةَ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَابًا مِنْ نَصِيبِهِ فِي الدَّارِ الْعُظْمَى لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا وَاحِدًا فِي مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ مِنْ عَرْصَةِ الدَّارِ فَهُمْ يُرِيدُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلُوا جَمِيعَ صَحْنِ الدَّارِ مَمَرًّا فَيَكُونُ لِأَهْلِ الدَّارِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ: لَا يُمْنَعُونَ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رَفْعُ الْحَائِطِ وَالْحَائِطُ خَالِصُ حَقِّهِمْ وَإِنَّمَا يُمْنَعُونَ مِنْ التَّطَرُّقِ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ طَرِيقًا لَهُمْ فِي صَحْنِ الدَّارِ وَلَكِنْ فِي ظَاهِرِ الْجَوَابِ قَالَ: يُمْنَعُونَ مِنْ فَتْحِ الْأَبْوَابِ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا تَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ فَرُبَّمَا يَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ لَهُمْ طَرِيقًا خَاصًّا فِي صَحْنِ الدَّارِ وَيُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِالْبَابِ الْمُرَكَّبِ وَقَدْ يَعْتَمِدُ ذَلِكَ بَعْضُ الْقُضَاةِ فَيُفَصِّلُ الْحُكْمَ بِهِ؛ فَلِهَذَا مَنَعُوا مِنْ فَتْحِ الْأَبْوَابِ وَلِأَهْلِ الدَّارِ أَنْ يَبْنُوا مَا بَدَا لَهُمْ فِي صَحْنِ الدَّارِ بَعْدَ أَنْ يَتْرُكُوا لَهُمْ طَرِيقًا وَاحِدًا بِقَدْرِ عَرْضِ بَابِ الدَّارِ الْعُظْمَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ حَقِّهِمْ مُتَّفَقٌ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ صَحْنِ الدَّارِ فَهُوَ مِلْكٌ خَاصٌّ لِأَهْلِ الدَّارِ فَلَهُمْ أَنْ يَبْنُوا فِيهَا مَا أَحَبُّوا وَيَفْتَحُ أَهْلُ الْمَقْصُورَةِ مَا بَدَا لَهُمْ مِنْ الْأَبْوَابِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّهُمْ بِفَتْحِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ لَا يَبْنُونَ لِأَنْفُسِهِمْ زِيَادَةً عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمْ، وَإِنْ كَانَ لِأَهْلِ هَذِهِ الْمَقْصُورَةِ دَارًا أُخْرَى إلَى جَنْبِ هَذِهِ الْمَقْصُورَةِ فَوَقَعَتْ هَذِهِ الدَّارُ فِي قِسْمِ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي هَذِهِ الطُّرُقِ الْمَرْفُوعِ بَيْنَهُمْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِهَذِهِ الدَّارِ فِيهَا فَسَاكِنُهَا يُرِيدُ إثْبَاتَ طَرِيقٍ لِنَفْسِهِ فِي طَرِيقٍ مُشْتَرَكٍ الشَّرِكَةُ فِيهَا خَاصَّةٌ وَالطَّرِيقُ الْخَاصُّ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ فَكَمَا لَا يُمَكَّنُ مِنْ إحْدَاثِ طَرِيقِ لِنَفْسِهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، فَكَذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ
وَإِنْ اشْتَرَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْمَقْصُورَةُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ طَرِيقَهَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute