مَوْتِهِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْوَلِيُّ أَحَقُّ مِنْ إمَامِ الْحَيِّ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: ٧٥] فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إمَامُ الْحَيِّ فَالْأَوْلِيَاءُ. وَفِي الْكِتَابِ قَالَ: الْأَبُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالِابْنُ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَبُ لِأَنَّهُ جَدُّهُ وَفِي التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ ازْدِرَاءٌ بِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَبُ أَعَمُّ وِلَايَةً حَتَّى يَعُمَّ وِلَايَةَ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَهَذَا نَظِيرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي وِلَايَةِ التَّزْوِيجِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ هَذَا الْحَقُّ عَلَى تَرْتِيبِ الْعُصُوبَةِ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ وَابْنُ الْعَمِّ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ ابْنٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَاتَتْ امْرَأَةٌ لَهُ فَقَالَ لِأَوْلِيَائِهَا: كُنَّا أَحَقُّ بِهَا حِينَ كَانَتْ حَيَّةً فَأَمَّا إذْ مَاتَتْ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهَا وَلِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَالْقَرَابَةَ لَا تَنْقَطِعُ بِهِ
(قَالَ): وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْآثَارُ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُوِيَ الْخَمْسُ وَالسَّبْعُ وَالتِّسْعُ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ آخِرَ فِعْلِهِ كَانَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ فَكَانَ هَذَا نَاسِخًا لِمَا قَبْلَهُ وَأَنَّ «عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَمَعَ الصَّحَابَةَ حِينَ اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ وَقَالَ لَهُمْ: إنَّكُمْ اخْتَلَفْتُمْ فَمَنْ يَأْتِي بَعْدَكُمْ أَشَدُّ اخْتِلَافًا فَانْظُرُوا آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِنَازَةٍ فَخُذُوا بِذَلِكَ فَوَجَدُوهُ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا فَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ» وَلِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَةٍ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلَيْسَ فِي الْمَكْتُوبَاتِ زِيَادَةٌ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى لِلِافْتِتَاحِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَهَا أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ كُلُّ تَكْبِيرَةٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَةٍ وَأَهْلُ الزَّيْغِ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا وَهَذَا افْتِرَاءٌ مِنْهُمْ عَلَيْهِ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى فَاطِمَةَ أَرْبَعًا وَرُوِيَ أَنَّهُ إنَّمَا صَلَّى عَلَى فَاطِمَةَ أَبُو بَكْرٍ وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا وَعُمَرُ صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا ثُمَّ يُثْنِي عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ يُثْنِي عَقِيبَ الِافْتِتَاحِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى تَعْقُبُهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَى هَذَا وُضِعَتْ الْخُطَبُ وَاعْتُبِرَ هَذَا بِالتَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ يَعْقُبُهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَسْتَغْفِرُ لِلْمَيِّتِ وَيَشْفَعُ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute