للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسْطَ الْقَبْرِ وَيُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ وَإِنَّمَا اخْتَارُوا الشَّقَّ فِي دِيَارِنَا لِتَعَذُّرِ اللَّحْدِ فَإِنَّ الْأَرْضَ فِيهَا رَخَاوَةٌ فَإِذَا أُلْحِدَ إنْهَارَ عَلَيْهِ فَلِهَذَا اسْتَعْمَلُوا الشَّقَّ وَيُجْعَلُ عَلَى لَحْدِهِ التِّبْنَ وَالْقَصَبُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ «وُضِعَ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ» «وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فُرْجَةً فِي قَبْرٍ فَأَخَذَ مَدَرَةً وَنَاوَلَهَا الْحَفَّارَ وَقَالَ: سُدَّ بِهَا تِلْكَ الْفُرْجَةَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ كُلِّ صَانِعٍ أَنْ يُحْكِمَ صَنْعَتَهُ» وَالْمَدَرَةُ قِطْعَةٌ مِنْ اللَّبِنِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ اللَّبِنِ وَيُكْرَهُ الْآجُرُّ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْأَبْنِيَةِ لِلزِّينَةِ أَوْ لِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ وَالْقَبْرُ مَوْضِعُ الْبِلَى فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْآجُرُّ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِهِ فِي دِيَارِنَا لِرَخَاوَةِ الْأَرْضِ وَكَانَ يُجَوِّزُ اسْتِعْمَالَ رُفُوفِ الْخَشَبِ وَاِتِّخَاذِ التَّابُوتِ لِلْمَيِّتِ حَتَّى قَالُوا: لَوْ اتَّخَذُوا تَابُوتًا مِنْ حَدِيدٍ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا فِي هَذِهِ الدِّيَارِ

(قَالَ) وَيُسَجِّي قَبْرَ الْمَيِّتِ بِثَوْبٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ اللَّحْدِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - سُجِّيَ قَبْرُهَا بِثَوْبٍ وَغُشِّيَ عَلَى جِنَازَتِهَا وَلِأَنَّ مَبْنَى حَالِ الْمَرْأَةِ عَلَى السَّتْرِ كَمَا فِي حَالِ حَيَاتِهَا وَلَا يُسَجَّى قَبْرُ الرَّجُلِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَأَى قَبْرَ رَجُلٍ سُجِّيَ بِثَوْبٍ فَنَحَّى الثَّوْبَ وَقَالَ: لَا تُشْبِهُوهُ بِالنِّسَاءِ وَلِأَنَّ مَبْنَى حَالِ الرَّجُلِ عَلَى الِانْكِشَافِ وَالظُّهُورِ إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِدَفْعِ مَطَرٍ أَوْ ثَلْجٍ أَوْ حَرٍّ عَلَى الدَّاخِلِينَ فِي الْقَبْرِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ

(قَالَ) وَيُسَنَّمُ الْقَبْرُ وَلَا يُرَبَّعُ لِحَدِيثِ «النَّخَعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مِنْ رَأَى قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مُسَنَّمَةٌ عَلَيْهَا فَلْقٌ مِنْ مَدَرٍ بِيضٍ» وَلِأَنَّ التَّرْبِيعَ فِي الْأَبْنِيَةِ لِلْإِحْكَامِ وَيُخْتَارُ لِلْقُبُورِ مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ إحْكَامِ الْأَبْنِيَةِ وَعَلَى قَوْلِ الرَّوَافِضِ السُّنَّةُ التَّرْبِيعُ فِي الْقُبُورِ وَلَا تُجَصَّصُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ وَتَرْبِيعِهَا» وَلِأَنَّ التَّجْصِيصَ فِي الْأَبْنِيَةِ إمَّا لِلزِّينَةِ أَوْ لِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ

(قَالَ) وَإِمَامُ الْحَيِّ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَحَاصِلُ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا حَضَرَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ إقَامَةَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ كَانَ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وَلِأَنَّ فِي الْمُتَقَدِّمِ عَلَى السُّلْطَانِ ازْدِرَاءٌ بِهِ وَالْمَأْمُورُ فِي حَقِّهِ التَّوْقِيرُ. وَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَضَرَ جِنَازَتِهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فَقَدَّمَهُ الْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّهَا سُنَّةٌ مَا قَدَّمْتُك وَكَذَلِكَ إنْ حَضَرَ الْقَاضِي فَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِمَامُ الْحَيِّ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ رَاضِيًا بِإِمَامَتِهِ فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>