أَيْضًا وَاسْتَقْبَحَ ذَلِكَ مَشَايِخُنَا ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى سَرِيرِهِ وَلَا يُتْبَعُ بِنَارٍ إلَى قَبْرِهِ يَعْنِي الْإِجْمَارَ فِي الْقَبْرِ قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ زَادِهِ مِنْ الدُّنْيَا نَارًا. وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فِي جِنَازَةٍ فَرَأَى امْرَأَةً فِي يَدِهَا مِجْمَرٌ فَصَاحَ عَلَيْهَا وَطَرَدَهَا حَتَّى تَوَارَتْ بِالْآكَامِ» فَإِذَا انْتَهَى إلَى قَبْرِهِ فَلَا يَضُرُّهُ وِتْرًا دَخَلَهُ أَوْ شَفْعًا لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ دَخَلَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةُ نَفَرٍ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّابِعِ أَنَّهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَوْ أَبُو رَافِعٍ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَضْعُ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ فَإِنَّمَا يَدْخُلُ قَبْرَهُ بِقَدْرِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ الشَّفْعُ وَالْوِتْرُ فِيهِ سَوَاءٌ فَإِذَا وُضِعَ فِي اللَّحْدِ قَالُوا: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ أَيْ بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْنَاك وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ سَلَّمْنَاك وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنْ يُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ يَعْنِي تُوضَعُ الْجِنَازَةُ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنْ الْقَبْرِ وَيُحْمَلُ مِنْهُ الْمَيِّتُ فَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: السُّنَّةُ أَنْ يَسِلْ إلَى قَبْرِهِ وَصِفَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْجِنَازَةَ تُوضَعُ عَلَى يَمِينِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِرِجْلِهِ فَيُحْمَلُ إلَى الْقَبْرِ فَيُسَلُّ جَسَدُهُ سَلًّا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُلَّ إلَى قَبْرِهِ» وَلِأَنَّهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ كَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلَ بِرِجْلِهِ وَالْقَبْرُ بَيْتُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَبْدَأُ بِإِدْخَالِ رِجْلَيْهِ فِيهِ.
(وَلَنَا) مَا رَوَى إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُدْخِلَ قَبْرَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ» فَإِنْ صَحَّ هَذَا اتَّضَحَ الْمَذْهَبُ وَإِنْ صَحَّ مَا رَوَوْا فَقِيلَ: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَعَنْ أَبِيهَا مِنْ قِبَلِ الْحَائِطِ وَكَانَتْ السُّنَّةُ فِي دَفْنِ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قُبِضُوا فِيهِ فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ وَضْعِ السَّرِيرِ قِبَلَ الْقِبْلَةِ لِأَجْلِ الْحَائِطِ فَلِهَذَا سُلَّ إلَى قَبْرِهِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَ: يَدْخُلُ الْمَيِّتَ قَبْرَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ لِأَنَّ جَانِبَ الْقِبْلَةِ مُعَظَّمٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُخْتَارَ لِلْجُلُوسِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلْتَ بِهِ الْقِبْلَةَ» فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْوَفَاةِ يُخْتَارُ إدْخَالُهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ
(قَالَ): وَيُلْحِدُ لَهُ وَلَا يَشُقُّ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَشُقُّ وَاعْتِمَادُنَا فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّحْدُ لَنَا وَالشِّقُّ لِغَيْرِنَا» «وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ حَفَّارَانِ أَحَدُهُمَا يُلْحِدُ وَالْآخَرُ يَشُقُّ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثُوا فِي طَلَبِ الْحَفَّارِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: اللَّهُمَّ خِرْ لِنَبِيِّك فَوُجِدَ الَّذِي يُلْحِدُ» وَصِفَةُ اللَّحْدِ أَنْ يُحْفَرَ الْقَبْرُ ثُمَّ يُحْفَرَ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنْهُ حَفِيرَةٌ فَيُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ وَصِفَةُ الشِّقِّ أَنْ يُحْفَرَ حَفِيرَةٌ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute