للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى بِمُقَابَلَةِ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا فَإِحْدَى وَعِشْرُونَ يُقَابِلُهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَضْرِبَ لَهُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ لَبِنَةً بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَضَرَبَ إحْدَى وَعِشْرِينَ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَوْجِبُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ الثَّوْبِ تَتَفَاوَتُ بِالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَرُبَّمَا تُنْقِصُ زِيَادَةُ الطُّولِ فِي الْمَالِيَّةِ وَزِيَادَةُ الْعَرْضِ تُزِيدُ فِيهِ كَمَا فِي الْمُلَاءَةِ وَرُبَّمَا تُزِيدُ فِي مَالِيَّتِهِ زِيَادَةَ الطُّولِ دُونَ الْعَرْضِ كَمَا فِي الْعِمَامَةِ فَلَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُ الْمُسَمَّى عَلَى الذُّرْعَانِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ بِخِلَافِ اللَّبِنِ فَالْبَعْضُ هُنَاكَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالْبَعْضِ فِي مَعْنَى الْمَالِيَّةِ

وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عَرَفْنَا أَنَّ التَّوْزِيعَ هُنَا عَلَى الذُّرْعَانِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَيُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَكِنْ لَا يُجَاوِزُ بِهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَاءَ بِالثَّوْبِ مِثْلَ مَا سَمَّى كَانَ حِصَّتُهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ مِنْ الْأَجْرِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى، فَإِذَا تَمَّ رِضَاهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ يَكُونُ أَرْضَى بِهِ عِنْدَ الْخِلَافِ فَلِهَذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ: وَلَا تَجَاوَزَ بِهِ إلَّا مَا سُمِّيَ لَهُ بِمُقَابَلَةِ مَا جَاءَ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ صَفِيقًا فَحَاكَهُ رَقِيقًا وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَقِيقًا فَحَاكَهُ صَفِيقًا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سُمِّيَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ جَمِيعَ الْأَجْرِ بِمُقَابَلَةِ الْوَصْفِ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فَإِنَّ مَالِيَّةَ الثَّوْبِ تَخْتَلِفُ بِالرِّقَّةِ وَالصَّفَاقَةِ وَرُبَّمَا يُخْتَارُ الصَّفِيقُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَالرَّقِيقُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ؛ فَلِهَذَا وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى أَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا تُجَاوِزْ بِهِ مَا سُمِّيَ؛ لِانْعِدَامِ الْمُقَوِّمِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ؛ وَلِوُجُودِ الرِّضَا مِنْ الْحَائِكِ بِالْمُسَمَّى مِنْ الْأَجْرِ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَزْلِ رِطْلًا مِنْ غَزْلِهِ وَقَالَ: قَدْ زِدْتُهُ وَقَالَ: رَبُّ الْغَزْلِ لَمْ تَزِدْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْغَزْلِ مَعَ يَمِينِهِ، أَمَّا جَوَازُ هَذَا الْعَقْدِ؛ فَلِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ مَا أَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ مِنْ الْغَزْلِ وَيَصِيرُ الْمُسْتَقْرِضُ قَابِضًا بِاتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ فَالْحَائِكُ يُقِيمُ الْعَمَلَ فِي غَزْلِ رَبِّ الثَّوْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ جَمِيعُ الْغَزْلِ مِنْ الْحَائِكِ فَإِنَّ الْمُسْتَصْنِعَ هُنَاكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مُسْتَقْرِضًا لِلْغَزْلِ قَابِضًا فَيَكُونُ الْحَائِكُ عَامِلًا فِي غَزْلِ نَفْسِهِ، ثُمَّ الْحَائِكُ يَدَّعِي أَنَّهُ أَقْرَضَهُ رِطْلًا مِنْ غَزْلِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَرَبُّ الثَّوْبِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْحَائِكِ الْبَيِّنَةُ لِحَاجَتِهِ إلَى إثْبَاتِ مَا يَدَّعِي مِنْ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ بِحُكْمِ الْقَرْضِ وَمَا يَدَّعِي مِنْ الدَّيْنِ لِنَفْسِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَخَذَ مِنْ رَبِّ الثَّوْبِ مِثْلَ غَزْلِهِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَالْيَمِينُ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَنُكُولُهُ كَإِقْرَارِهِ.

وَإِذَا سَلَّمَ إلَيْهِ غَزْلًا يَنْسِجُهُ ثَوْبًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>