التَّكْبِيرَاتِ
(قَالَ): وَإِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ حَضَرَ قَوْمٌ لَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهَا ثَانِيَةً جَمَاعَةً وَلَا وُحْدَانًا عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ صَلَّوْا عَلَيْهَا أَجَانِبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْأَوْلِيَاءِ ثُمَّ حَضَرَ الْوَلِيُّ فَحِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِقَبْرٍ جَدِيدٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ: قَبْرُ فُلَانَةِ فَقَالَ: هَلَّا آذَنْتُمُونِي بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَقِيلَ: إنَّهَا دُفِنَتْ لَيْلًا فَخَشِينَا عَلَيْك هَوَامَّ الْأَرْضِ فَقَامَ وَصَلَّى عَلَى قَبْرِهَا» وَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ.
(وَلَنَا) مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُمَا فَاتَتْهُمَا الصَّلَاةُ عَلَى جِنَازَةٍ فَلَمَّا حَضَرَا مَا زَادَا عَلَى الِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى جِنَازَةِ عُمَرَ فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ: إنْ سَبَقْتُمُونِي بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالدُّعَاءِ لَهُ. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ حَقَّ الْمَيِّتِ قَدْ تَأَدَّى بِفِعْلِ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ فَلَوْ فَعَلَهُ الْفَرِيقُ الثَّانِي كَانَ تَنَفُّلًا بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَلَوْ جَازَ هَذَا لَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يُرْزَقُ زِيَارَتُهُ الْآنَ لِأَنَّهُ فِي قَبْرِهِ كَمَا وُضِعَ فَإِنَّ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ حَرَامٌ عَلَى الْأَرْضِ بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ وَلَمْ يَشْتَغِلْ أَحَدٌ بِهَذَا فَدَلَّ أَنَّهُ لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي حَضَرَ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ وِلَايَةُ إسْقَاطِ حَقِّهِ وَهُوَ تَأْوِيلُ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ الْحَقَّ كَانَ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦] وَهَكَذَا تَأْوِيلُ فِعْلِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مَشْغُولًا بِتَسْوِيَةِ الْأُمُورِ وَتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ فَكَانُوا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ حُضُورِهِ وَكَانَ الْحَقُّ لَهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْخَلِيفَةُ فَلَمَّا فَرَغَ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ أَحَدٌ بَعْدَهُ عَلَيْهِ (وَعَلَى) هَذَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُصَلَّى عَلَى مَيِّتٍ غَائِبٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُصَلَّى عَلَيْهِ فَإِنَّ «النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ وَهُوَ غَائِبٌ» وَلَكِنَّا نَقُولُ: طُوِيَتْ الْأَرْضُ وَكَانَ هُوَ أَوْلَى الْأَوْلِيَاءِ وَلَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِنْ جَانِبِ الْمَشْرِقِ فَإِنْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَانَ الْمَيِّتُ خَلْفَهُ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اسْتَقْبَلَ الْمَيِّتَ كَانَ مُصَلِّيًا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ
(قَالَ): وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَوُضِعَتْ مَعَهَا قَالَ: يَفْرُغُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْأُولَى ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ عَلَى الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْأُولَى فَيُتِمُّهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَبَّرَ الثَّانِيَةَ يَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ نِيَّةٌ فِيهَا فَهُوَ فِي الْأُولَى وَإِنْ كَبَّرَ يَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى الثَّانِيَةِ كَانَ قَاطِعًا لِلْأُولَى شَارِعًا فِي الثَّانِيَةِ فَيُصَلِّي عَلَى الثَّانِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute