للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ الْأَذَى، وَالْوُقُوفُ عِنْدَهُ أَوْلَى كَمَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ ثُمَّ الصَّدْرُ مَوْضِعُ نُورِ الْإِيمَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الزمر: ٢٢] الْآيَةُ وَإِنَّمَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِإِيمَانِهِ فَيَخْتَارُ الْوُقُوفَ حِذَاءَ الصَّدْرِ لِهَذَا أَوْ الصَّدْرُ هُوَ الْوَسْطُ فِي الْحَقِيقَةِ فَإِنَّهُ فَوْقَهُ رَأْسٌ وَيَدَانِ وَتَحْتَهُ بَطْنٌ وَرِجْلَانِ

(قَالَ) وَيَتَيَمَّمُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا خَافَ فَوْتَهَا فِي الْمِصْرِ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ لَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ ثُمَّ أَحْدَثَ تَيَمَّمَ وَبَنَى وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا سَبَقَ فَإِنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ جِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَإِنْ وَجَدَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ التَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ لِلْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً مِنْ الْوَقْتِ ذَلِكَ الْقَدْرُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْعُذْرَ قَائِمٌ وَهُوَ خَوْفُ الْفَوْتِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعِيدُ التَّيَمُّمَ عَلَى كُلِّ حَالٍ ذَكَرَهُ فِي نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ تَجَدَّدَتْ ضَرُورَةٌ أُخْرَى فَعَلَيْهِ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ

(قَالَ) وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَةً أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ حَتَّى يُكَبِّرَ الْإِمَامُ فَيُكَبِّرُ مَعَهُ فَإِذَا سَلَّمَ قَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يُكَبِّرُ حِينَ يَحْضُرُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «اتَّبِعْ إمَامَك حِينَ تَحْضُرُ فِي أَيِّ حَالٍ أَدْرَكْتَهُ» وَقَاسَ هَذَا بِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّ الْمَسْبُوقَ يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ فِيهَا حِينَ يَنْتَهِي إلَى الْإِمَامِ فَهَذَا مِثْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ وَاقِفًا خَلْفَ الْإِمَامِ فَتَأَخَّرَ تَكْبِيرُهُ عَنْ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ لَمْ يَنْتَظِرْ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ بِالِاتِّفَاقِ فَهَذَا مِثْلُهُ وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَةٍ فَلَوْ لَمْ يَنْتَظِرْ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ حِينَ جَاءَ كَانَ قَاضِيًا مَا فَاتَهُ قَبْلَ أَدَاءِ مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ وَذَلِكَ مَنْسُوخٌ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ مَعْنَيَانِ: مَعْنَى الِافْتِتَاحِ وَالْقِيَامِ مَقَامَ رَكْعَةٍ وَمَعْنَى الِافْتِتَاحِ مُرَجَّحٌ فِيهَا بِدَلِيلِ تَخْصِيصِهَا بِرَفْعِ الْيَدِ عِنْدَهَا. وَلَوْ جَاءَ بَعْدَ مَا كَبَّرَ الْإِمَامُ الرَّابِعَةَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ وَقَدْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فِي قَوْلِهِمَا وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكَبِّرُ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَضَى ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الرَّابِعَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ لَهُمَا أَنَّ مَنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَهُوَ مُدْرِكٌ لِتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فَيَأْتِي بِهَا حِينَ حَضَرَتْهُ النِّيَّةُ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُدْرِكٍ لِلتَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَةٍ فَلَا يَشْتَغِلُ بِقَضَائِهَا قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ كَسَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>