يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الْبَدَلِ، ثُمَّ يَتَحَقَّقُ فَوَاتُ الْمَقْصُودِ فِيمَا بَقِيَ فَلَا يَجِبُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْبَدَلِ
وَلَوْ ضَاعَ الصَّبِيُّ مِنْ يَدِهَا، أَوْ وَقَعَ فَمَاتَ، أَوْ سُرِقَ مِنْ حُلِيِّ الصَّبِيِّ، أَوْ مِنْ ثِيَابِهِ شَيْءٌ لَمْ تَضْمَنْ الظِّئْرُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فَإِنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى مَنَافِعِهَا فِي الْمُدَّةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُشْغِلَ نَفْسَهَا فِي الْمُدَّةِ عَنْ رَضَاعِ الصَّبِيِّ، وَلَا تُؤَاجِرُ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِهِمْ لِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرِكِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُضَمِّنُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا مِنْ عَمَلِ أَبَوَيْ الصَّبِيِّ شَيْءٌ إنْ كَلَّفُوهَا عَجْنًا، أَوْ طَبْخًا، أَوْ خَبْزًا؛ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ بِالْعَقْدِ الظُّئُورَةَ، وَهَذِهِ الْأَعْمَالِ لَا تَتَّصِلُ بِالظُّئُورَةِ فَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا أَنْ تَتَطَوَّعَ بِهِ، فَأَمَّا عَمَلُ الصَّبِيِّ وَغَسْلُ ثِيَابِهِ وَمَا يُصْلِحُهُ مِمَّا يُعَالَجُ بِهِ الصِّبْيَانُ مِنْ الدُّهْنِ وَالرَّيْحَانِ فَهُوَ عَلَى الظِّئْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الظُّئُورَةِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَأْكُلُ الطَّعَامَ فَلَيْسَ عَلَى الظِّئْرِ أَنْ تَشْتَرِيَ لَهُ الطَّعَامَ؛ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ تَرْبِيَتَهُ بِلَبَنِهَا دُونَ الطَّعَامِ وَلَكِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى أَهْلِهِ وَعَلَيْهَا أَنْ تُهَيِّئَهُ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَنْ عَمِلَ الظُّئُورَةَ فَقَدْ جَعَلَ الدُّهْنَ وَالرَّيْحَانِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الطَّعَامِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَهُوَ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي الْإِجَارَةِ فَإِنَّ مَا يَكُونُ مِنْ التَّوَابِعِ غَيْرَ مَشْرُوطٍ فِي الْعَقْدِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ حَتَّى قِيلَ: فِي اسْتِئْجَارِ اللَّبَّانِ: إنَّ الزِّنْبِيلَ وَالْمَلْبَنَ عَلَى صَاحِبِ اللَّبَنِ بِنَاءً عَلَى عُرْفِهِمْ، وَالسِّلْكَ وَالْإِبْرَةَ عَلَى الْخَيَّاطِ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ وَالدَّقِيقَ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ دُونَ الْحَائِكِ فَإِنْ كَانَ عُرْفُ أَهْلِ الْبَلْدَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَ، وَحَثْيَ التُّرَابِ عَلَى الْحَفَّارِ فِي الْقَبْرِ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ، وَإِخْرَاجَ الْخُبْزِ مِنْ التَّنُّورِ عَلَى الْخَبَّازِ وَغَرْفَ الْمَرَقَةِ فِي الْقِصَاعِ عَلَى الطَّبَّاخِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِطَبْخِ عُرْسٍ
وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِطَبْخِ قِدْرٍ خَاصٍّ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِانْعِدَامِ الْعُرْفِ فِيهِ، وَإِدْخَالُ الْجَمَلِ الْمَنْزِلَ عَلَى الْحَمَّالِ إذَا حَمَّلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَصْعَدَ بِهِ عَلَى السَّطْحِ، أَوْ الْغُرْفَةِ لِلْعُرْفِ، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِمْلًا إلَى مَنْزِلِهِ فَإِنْزَالُ الْحِمْلِ عَنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُكَارِي وَفِي إدْخَالِهِ الْمَنْزِلَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ، وَالْإِكَافُ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَفِي الْجَوَالِيفِ وَالْحَبْلِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ وَكَذَلِكَ فِي السَّرْجِ وَاللِّجَامِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَهُوَ الْأَصْلُ، أَمَّا التَّوَابِعُ الَّتِي لَا تُشْتَرَطُ عِنْدَ الْعَقْدِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِيهَا وَبِهِ يُفْصَلُ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ وَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ الصَّبِيِّ أَنْ يُخْرِجُوا الظِّئْرَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَّا أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِالْعُذْرِ عِنْدَنَا عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي بَابِهِ، ثُمَّ الْعُذْرُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَأْخُذَ الصَّبِيُّ مِنْ لَبَنِهَا فَيَفُوتُ بِهِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَلَا عُذْرَ أَبْيَنُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا تَقَايَأَ لَبَنَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ عَادَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute