للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَةً مُسْتَقْبَلَةً وَذَلِكَ حِينَ يَهِلُّ الْهِلَالُ تُعْتَبَرُ سَنَةً بِالْأَهِلَّةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ يُعْتَبَرُ سَنَةً بِالْأَيَّامِ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُعْتَبَرُ شَهْرًا بِالْأَيَّامِ وَإِحْدَى عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْأَهِلَّةَ أَصْلٌ وَالْأَيَّامَ بَدَلٌ فَفِي الشَّهْرِ الْوَاحِدِ تُقَدَّرُ الْأَهِلَّةُ وَفِي إحْدَى عَشَرَ شَهْرًا اعْتِبَارُ مَا هُوَ أَصْلٌ مُمْكِنٌ فَلَا مَعْنَى لِلْمَصِيرِ إلَى الْبَدَلِ، وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ يُعْتَبَرُ بِالْأَيَّامِ بِالِاتِّفَاقِ، فَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْكُلِّ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَتِمَّ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ لَا يَدْخُلُ الشَّهْرُ الثَّانِي فَإِذَا كَانَ ابْتِدَاءُ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فِي بَعْضٍ فَتَمَامُهُ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ الدَّاخِلِ أَيْضًا وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الشَّهْرُ الثَّانِي فِي بَعْضِ الشَّهْرِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ بِالْأَيَّامِ، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ بِالْأَيَّامِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصْلَيْنِ أَنَّ الْإِجَارَةَ عُقُودٌ مُتَفَرِّقَةٌ فَإِذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ يَتَجَدَّدُ الْعَقْدُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ كَأَنَّهُمَا جَدَّدَا الْعَقْدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ فَلِهَذَا تُعْتَبَرُ أَحَدَ عَشَر شَهْرًا بِالْهِلَالِ وَلَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ فَتُغَيَّرُ كُلُّهَا بِالْأَيَّامِ، ثُمَّ قَالَ إذَا اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً أَوَّلُهَا هَذَا الْيَوْمُ وَهُوَ رَابِعُ عَشَرَةٍ مَضَيْنَ مِنْ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَسْكُنُهَا بَقِيَّةَ هَذَا الشَّهْرِ وَإِحْدَى عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ الشَّهْرِ الْبَاقِي وَهَذَا غَلَطٌ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ اسْتَأْجَرَهَا لِأَرْبَعَ عَشَرَةَ بَقِينَ مِنْ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَاضِي مِنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَ عَشَرَةَ فَقَدْ سَكَنَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ فَلَا يَسْكُنُهَا فِي آخِرِ الْمُدَّةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِتَمَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ قَالَ يَسْكُنُهَا سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَعَرَفْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ لِأَرْبَعَ عَشَرَةَ بَقِينَ مِنْ الشَّهْرِ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ بَيْتًا فِي عُلُوِّ دَارٍ وَمَنْزِلًا عَلَى ظُلَّةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ مَسْكَنٌ مُعَدٌّ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا عَلَى أَنْ يُقْعِدَ فِيهِ قَصَّارًا فَأَرَادَ أَنْ يُقْعِدَ فِيهِ حَدَّادًا فَلَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ مَضَرَّتُهُمَا وَاحِدَةً أَوْ كَانَتْ مَضَرَّةُ الْحَدَّادِ أَقَلَّ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مَضَرَّةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الرِّحَالَانِ التَّقْيِيدُ إذَا كَانَ مُفِيدًا يُعْتَبَرُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُفِيدٍ لَا يُعْتَبَرُ، وَالْفَائِدَةُ فِي حَقِّ صَاحِبِ الدَّارِ بِأَنَّ مَا لَا يُوهِنُ بِنَاءَهُ وَلَا يُفْسِدُهُ فَلَا تَكُونُ مَضَرَّتُهُ مِثْلَ الْمَشْرُوطِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ وَالْمَنْفَعَةُ صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْمُسْتَأْجَرِ وَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>