للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصَرُّفٌ فِيمَا بَيْنَ رَبِّ الْبَيْتِ وَالْمُسْتَقْرِضِ وَلَكِنَّهُ صَرْفٌ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْتَقْرِضِ وَالْفَامِيِّ حَتَّى يَرْجِعَ رَبُّ الْبَيْتِ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ بِالدَّرَاهِمِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ اشْتَرَى بِهِ الْفَامِيُّ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْبَيْتِ أَقْرَضَ الدَّرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ وَشَرْطُ شَيْءٍ آخَرَ مَكَانَهُ بَاطِلٌ

وَإِنْ أَحَالَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِالدَّرَاهِمِ فَقَاصَّهُ بِالدِّينَارِ فَإِنَّمَا لِلْمُقْرِضِ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرْطِ كَانَ صَرْفًا بِالنَّسِيئَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ أَقْرَضَهُ أَجْرَ الشَّهْرَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ شَيْئًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ وَطَابَتْ نَفْسُ الْفَامِيِّ بِذَلِكَ وَأَعْطَاهُ بِهِ دَقِيقًا أَوْ زَيْتًا أَوْ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْهَا، ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْبَيْتِ قَبْلَ السُّكْنَى أَوْ انْهَدَمَ الْبَيْتُ أَوْ اُسْتُحِقَّ لَمْ يَرْجِعْ الْفَامِيُّ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ بِشَيْءٍ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ رَبِّ الْبَيْتِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ بِالدَّرَاهِمِ وَرَبُّ الْبَيْتِ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ بِالدَّرَاهِمِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخِيرًا فِي حِصَّةِ الْبَيْتِ هَكَذَا، فَأَمَّا فِي حِصَّةِ الدِّينَارِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالدِّينَارِ بِعَيْنِهِ عَلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الْمُصَارَفَةَ كَانَتْ قَبْلَ وُجُوبِ الْأَجْرِ وَقَدْ بَطَلَتْ بِالِافْتِرَاقِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالدِّينَارِ كَمَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا وَقَدْ وَجَبَ الْأَجْرُ عَلَى الْفَامِيِّ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ قُلْنَا: شَرْطُ التَّعْجِيلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا كَانَ مَذْكُورًا فِي الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِمَاسِ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ. (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ كَانَ قَالَ: وَطَابَتْ نَفْسُ الْفَامِيِّ بِذَلِكَ.

وَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ بِالْخِدْمَةِ وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ السُّكْنَى بِالْخِدْمَةِ وَالرُّكُوبُ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ اتَّفَقَتْ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ أَوْ اخْتَلَفَتْ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْمَنَافِعَ كَالْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ، وَمُبَادَلَةُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ صَحِيحٌ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ التَّفَاوُتِ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ، وَالْمَنَافِعُ لَيْسَتْ بِمَالِ الرِّبَا فَيَجُوزُ مُبَادَلَةُ بَعْضِهَا بِالْبَعْضِ، وَإِنْ جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالدَّرَاهِمِ جَازَ مُعَاوَضَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ كَمَا إذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَنَا فِيهِ طَرِيقَانِ.

(أَحَدُهُمَا) مَنْقُولٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: مُبَادَلَةُ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى كَبَيْعِ الْقُوهِيِّ بِالْقُوهِيِّ نُسْأَةً وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْحَالِ فَإِذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ كَانَ هَذَا مُبَادَلَةَ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ يَحْرُمُ نَسِيئَةً وَبِالْجِنْسِ يَحْرُمُ النَّسَأُ عِنْدَنَا بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، فَإِنْ قِيلَ النَّسَأُ مَا يَكُونُ عَنْ شَرْطٍ فِي الْعَقْدِ وَالْأَجَلُ هُنَا غَيْرُ مَشْرُوطٍ كَيْفَ وَالْمَنَافِعُ فِي حُكْمِ الْأَعْيَانِ دُونَ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَالدَّيْنُ بِالدَّيْنِ حَرَامٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>