للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلَ رَبِّ الدَّارِ فَكَذَلِكَ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ لِي فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ كَسَائِرِ الْأَمْتِعَةِ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الدَّارِ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي الدَّارِ عَلَى أَنْ يَحْبِسَهُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ فَاتَّفَقَا عَلَى الْبِنَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ النَّفَقَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ اخْتِلَافِهِمَا فِيمَا صَارَ الْمُسْتَأْجِرُ مُوَفِّيًا مِنْ الْأَجْرِ فَهُوَ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ وَرَبُّ الدَّارِ يُنْكِرُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الدَّارِ لَمْ تَبْنِ أَوْ بَنَيْتَ بِغَيْرِ إذْنِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْأَمْرَ وَبِهِ يَصِيرُ مُوَفِّيًا الْأَجْرَ عِنْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ لِإِنْكَارِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى بَابٍ مِنْهَا مِصْرَاعَانِ فَسَقَطَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ هُمَا لِي أَوْ قَالَ: هَذَا السَّاقِطُ لِي وَيَعْرِفُ أَنَّهُ أَخُو الْمُغْلَقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ، أَمَّا فِي الْمُغْلَقِ غَيْرُ مُشْكِلٍ

وَالسَّاقِطُ إذَا كَانَ أَخُ الْمُغْلَقِ فَهُمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ مَضَى فِي مَعْنَى الِانْتِفَاعِ حَتَّى لَا يَنْتَفِعَ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى إقَامَتِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهَا بَيْتٌ مُصَوَّرٌ بِجُذُوعٍ مُصَوَّرَةٍ فَسَقَطَ جِذْعٌ مِنْهَا فَكَانَ فِي الْبَيْتِ مَطْرُوحًا فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ هُوَ مِنْ سَقْفِ هَذَا الْبَيْتِ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ هُوَ لِي وَيَعْرِفُ أَنَّ تَصَاوِيرَهُ مُوَافِقٌ لِتَصَاوِيرِ الْبَيْتِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ لِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ لَهُ، وَهُوَ نَظِيرُهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ لِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ لَهَا، ثُمَّ مُوَافَقَةُ التَّصَاوِيرِ وَكَوْنُ مَوْضِعِ ذَلِكَ الْجِذْعِ مِنْ السَّقْفِ ظَاهِرًا دَلِيلٌ فَوْقَ الْيَدِ، وَإِذَا جُعِلَ الْقَوْلُ قَوْلَ ذِي الْيَدِ لِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ لَهُ فَهَذَا أَوْلَى، وَعِمَارَةُ الدَّارِ وَتَطْيِينُهَا وَإِصْلَاحُ الْمِيزَابِ وَمَا وَهِيَ مِنْ بِنَائِهَا عَلَى رَبِّ الدَّارِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ سُكْنَى الدَّارِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ سُتْرَةٍ يَضُرُّ تَرْكُهَا بِالسُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ اسْتَحَقَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَفْعَلَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا لِوُجُودِ الْعَيْبِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَأْجَرَهَا وَهِيَ كَذَلِكَ وَقَدْ رَآهَا فَحِينَئِذٍ هُوَ رَاضٍ بِالْعَيْبِ فَلَا يَرُدُّهَا لِأَجْلِهِ، وَإِصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ امْتَلَأَ مِنْ فِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى هَدْمِ الْبِنَاءِ، وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ رَبُّ الدَّارِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا الْمُسْتَأْجِرُ، وَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُصْلِحَ ذَلِكَ فَعَلَ وَلَا يُحْتَسَبُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ، وَإِنْ شَاءَ خَرَجَ إذَا أَبَى رَبُّ الدَّارِ أَنْ يَفْعَلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَلَكِنَّ الْعَيْبَ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ يُثْبِتُ لِلْعَاقِدِ حَقَّ الْفَسْخِ فِيمَا يَعْتَمِدُ لُزُومُهُ تَمَامَ الرِّضَاءِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ نِصْفَ أَرْضٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ أَوْ نِصْفَ عَبْدٍ أَوْ نِصْفَ دَابَّةٍ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>