اتِّخَاذَ التَّنُّورِ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى وَلِلسَّاكِنِ أَنْ يَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الدَّارِ فَفِعْلُهُ فِي ذَلِكَ كَفِعْلِ رَبِّ الدَّارِ.
فَإِنْ تَكَارَى مَنْزِلًا شَهْرًا بِدِرْهَمٍ فَسَكَنَهُ أَيَّامًا، ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَهُ وَلَمْ يُخْبِرْ رَبَّ الْمَنْزِلِ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ فَإِنْ خَرَجَ بِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ أَجْرٌ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الشَّهْرِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ بِخُرُوجِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فَبَقِيَ تَمَكُّنُهُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مَعَ قِيَامِ الْعَقْدِ، وَإِنْ خَرَجَ بِعُذْرٍ فَقَدْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ إلَّا لِمَا مَضَى وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ عِنْدَ الْعُذْرِ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْمَعْنَى امْتِنَاعٌ مِنْ الْتِزَامٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ فِي حُكْمِ الْمُتَجَدِّدِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ، فَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَنْفَسِخُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ عَلَيْهِ الْأَجْرُ إذَا خَرَجَ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْفَسْخِ إلَّا أَنْ يُسَاعِدَهُ رَبُّ الدَّارِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ بِنَفْسِهِ.
رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُؤَاجِرَ مَنْزِلَهُ فَأَجَّرَهُ مِنْ ابْنِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ أَبِيهِ، أَوْ عَبْدِهِ، أَوْ مُكَاتَبِهِ فَلَمَّا مَضَتْ الْإِجَارَةُ وَطَالَبَهُمْ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ أَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ فَالْأَجْرُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ إلَّا عِنْدَ الْمُوَكِّلِ؛ فَإِنَّهُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَكِيلِ مَعَ هَؤُلَاءِ كَعَقْدِ الْمُوَكِّلِ بِنَفْسِهِ وَهُوَ يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ لَوْ عَقَدَ مَعَهُمْ بِنَفْسِهِ إلَّا فِي عَبْدِهِ خَاصَّةً فَإِنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا، فَكَذَلِكَ إذَا عَقَدَ وَكِيلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَرَبُّ الدَّارِ عَبْدَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لِأَنَّ كَسْبَهُ لِمَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَى الْمَوْلَى الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ الْآنَ لِغُرَمَائِهِ، وَحَقُّهُمْ فِيهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْلَى فَالْمَوْلَى فِيهِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ مَا لَمْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ ابْنَ الْوَكِيلِ أَوْ أَبَاهُ فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ الْإِجَارَةُ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ وَالْوَكِيلُ يُطَالَبُ بِالْأَجْرِ وَهَذَا نَظِيرُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ يَبِيعُ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْبُيُوعِ، وَإِنْ أَجَّرَهُ الْوَكِيلُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إجَارَةً فَاسِدَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَضْمَنُ بِالْخِلَافِ لَا بِفَسَادِ الْعَقْدِ فَلَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ كَأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْرِفُ الْأَسْبَابَ الْمُفْسِدَةَ لِلْعَقْدِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ مِثْلِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيمَا بَاشَرَهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فَكَأَنَّ الْمُوَكِّلَ بَاشَرَ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ بِنَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يَسْتَوْفِي؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِعَقْدِهِ. .
رَجُلٌ دَفَعَ دَارِهِ إلَى رَجُلٍ يَسْكُنُهَا وَيَرُمُّهَا وَلَا أَجْرَ لَهَا فَأَجَّرَهَا مِنْ رَجُلٍ فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ مِنْ سُكْنَى الْآجِرِ (قَالَ:) يُضَمِّنُ رَبُّ الدَّارِ الْمُسْتَأْجِرَ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ عَلَى الَّذِي آجَرَهُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ أَعَارَهَا مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَاجِرَ فَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute