مَدِينَتَهَا وَلَا رُسْتَاقًا بِعَيْنِهِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ أَيْضًا وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْعَقْدَ جَائِزٌ وَجَعَلَ الرَّيَّ اسْمًا لِلْمَدِينَةِ خَاصَّةً بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَكَارَاهَا إلَى سَمَرْقَنْدَ أَوْ أُوزْجَنْدَ وَلَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ: اسْمُ الرَّيِّ يَتَنَاوَلُ الْمَدِينَةَ وَنَوَاحِيَهَا فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمَقْصَدَ يُمَكِّنُ جَهَالَةً فِيهِ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فَإِنْ رَكِبَهَا إلَى أَدْنَى الرَّيِّ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهَا لَا يُزَادُ عَلَى مَا سَمَّى؛ لِأَنَّ الْمُكَارِيَ رَضِيَ بِالْمُسَمَّى إلَى أَدْنَى الرَّيِّ فَإِنْ رَكِبَهَا إلَى أَقْصَى الرَّيِّ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهَا لَا يَنْتَقِضُ مَا مَا سَمَّى لِأَنَّ الْمُسْتَكْرِيَ قَدْ الْتَزَمَ الْمُسَمَّى إلَى أَقْصَى الرَّيِّ فَلَا يُنْتَقَصُ عَنْهُ وَيُزَادُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُكَارِيَ إذَا رَضِيَ بِالْمُسَمَّى إلَى أَدْنَى الرَّيِّ فَلَا يَصِيرُ رَاضِيًا إلَى أَقْصَى الرَّيِّ وَمِثْلُهُ فِي دِيَارِنَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا إلَى بُخَارَى فَهُوَ اسْمٌ لِلْبَلْدَةِ بِنَوَاحِيهَا فَأَوَّلُ حُدُودِ بُخَارَى كَرْمِينِيَةُ وَآخِرُهُ فِرْبَرُ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ فَالتَّخْرِيجُ فِيهِ كَتَخْرِيجِ مَسْأَلَةِ الرَّيِّ.
وَإِنْ تَكَارَاهَا مِنْ الْكُوفَةِ إلَى بَغْدَادَ وَعَلَى أَنَّهُ أَدْخَلَهُ بَغْدَادَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَهُ عَشَرَةٌ وَإِلَّا فَلَهُ دِرْهَمٌ فَهَذَا مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّسْمِيَةُ الْأُولَى صَحِيحَةٌ وَالثَّانِيَةُ فَاسِدَةٌ وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ التَّسْمِيَتَانِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْخَيَّاطِ.
رَجُلٌ تَكَارَى دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ بِالْكُوفَةِ مِنْ الْغَدَاةِ إلَى الْعَشِيِّ.
(قَالَ:) يَرُدُّهَا عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ عَشِيٌّ قِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: ١١]: قَبْلَ الزَّوَالِ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعام: ٥٢]: إنَّ الْغَدَاةَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْعَشِيَّ مَا بَعْدَهُ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى أَحَدَ صَلَاتَيْ الْعِشَاءِ إمَّا الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ» إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ جَعَلَ الْعَشِيَّ غَايَةً وَالْغَايَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ فَإِنْ رَكِبَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ انْتَهَى بِزَوَالِ الشَّمْسِ فَهُوَ غَاصِبٌ فِي الرُّكُوبِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ تَكَارَاهَا يَوْمًا رَكِبَهَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِهَذَا الْوَقْتِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الصَّوْمَ يُقَدَّرُ بِالْيَوْمِ شَرْعًا وَكَانَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَوْمًا إلَّا أَنَّ الْأَجِيرَ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الصَّلَاةِ لَا يَشْتَغِلُ بِالْعَمَلِ عَادَةً فَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِيهِ لِهَذَا وَلَا يُوجَدُ هَذَا الْمَعْنَى فِي اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ، وَإِنْ تَكَارَاهَا لَيْلَةً رَكِبَهَا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَرُدُّهَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِنَّ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ يَدْخُلُ اللَّيْلُ بِدَلِيلِ حُكْمِ الْفِطْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ إذَا تَكَارَاهَا نَهَارًا وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَقُولُ: إنَّمَا يَرْكَبُهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنَّ النَّهَارَ اسْمُ الْوَقْتِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ «قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةُ النَّهَارِ عُجْمًا» فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْفَجْرُ وَلَا الْمَغْرِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute