وَإِنَّمَا سُمِّيَ نَهَارًا لِجَرَيَانِ الشَّمْسِ فِيهِ كَالنَّهْرِ يُسَمَّى نَهْرًا لِجَرَيَانِ الْمَاءِ فِيهِ وَلَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ يَعْرِفُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْيَوْمِ وَالنَّهَارِ فَإِنَّ الْعَوَامَّ لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَيَسْتَعْمِلُونَ اللَّفْظَيْنِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا فَالْجَوَابُ فِي النَّهَارِ كَالْجَوَابِ فِي الْيَوْمِ، وَإِنْ تَكَارَاهَا بِدِرْهَمٍ يَذْهَبُ عَلَيْهَا إلَى حَاجَتِهِ لَمْ يَجُزْ الْعَقْدُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْمَكَانَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلَّا بِذِكْرِ الْمَكَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الدَّابَّةِ إذَا هَلَكَتْ وَهِيَ فِي يَدِهِ عَلَى إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْعَقْدِ مُعْتَبَرٌ بِالْجَائِزِ وَلِأَنَّهُ فِي الْوَجْهَيْنِ مُسْتَعْمِلٌ لِلدَّابَّةِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّابَّةُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَدْ هَلَكَتْ عِنْدَهُ فَضَمِنَ قِيمَتَهَا رَجَعَ عَلَى الَّذِي أَجَّرَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَتِهِ بِمُبَاشَرَةِ عَقْدِ الضَّمَانِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّمَانِ بِسَبَبِهِ وَلَا يَمْلِكُهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَضْمُونِ يَقَعُ لِمَنْ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَهُوَ الْأَجْرُ وَلَا أَجْرَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَجْرِ بِعَقْدٍ بَاشَرَهُ الْأَجْرُ فَيَكُونُ الْأَجْرُ لَهُ خَاصَّةً.
وَإِنْ تَكَارَى دَابَّةً يَطْحَنُ عَلَيْهَا كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُسَمِّ كَمْ يَطْحَنُ عَلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الدَّابَّةِ فِي الْمُدَّةِ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ وَلَا يَضْمَنُ إنْ عَطِبَتْ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا فَاحِشًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَعَارَفِ فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ كَانَ مُخَالِفًا ضَامِنًا.
وَإِنْ تَكَارَاهَا إلَى بَغْدَادَ وَرَكِبَهَا وَخَالَفَ الْمَكَانَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا إلَيْهِ.
(قَالَ:) الْكِرَاءُ لَازِمٌ لَهُ فِي مَسِيرِهِ قَبْلَ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ كَمَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِلدَّابَّةِ فِيمَا خَالَفَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا صَارَ ضَامِنًا لَهَا.
وَإِنْ تَكَارَاهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا إنْسَانًا فَحَمَلَ امْرَأَةً يُقِيلُهَا بِرَحْلٍ أَوْ بِسَرْجٍ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ إنْسَانٌ وَهِيَ إنْسَانٌ، وَإِنْ كَانَتْ ثَقِيلَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ أَنَّ مِثْلَ تِلْكَ الدَّابَّةِ لَا يُطِيقُ حَمْلَهَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ إتْلَافًا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ وَقَدْ تَطَرَّفَ فِي الْعِبَارَةِ حَيْثُ وَضَعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ لِأَنَّ النَّقْلَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي الرِّجَالِ مَذْمُومٌ وَفِي النِّسَاءِ مَحْمُودٌ.
وَإِنْ تَكَارَى يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ بِدِرْهَمٍ فَأَرَاهُ الدَّابَّةَ عَلَى أَرْيِهَا وَقَالَ: ارْكَبْهَا إذَا شِئْتَ فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْلُ تَنَازَعَا فِي الْكِرَاءِ وَالرُّكُوبِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ دُفِعَتْ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْآجِرَ سَلَّمَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فَيَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إلَيْهِ وَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَدْ رَكِبَهَا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي اسْتِيفَاءَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَوُجُوبَ الْأَجْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ.
وَإِنْ تَكَارَاهَا إلَى الْحِيرَةِ فِي حَاجَةٍ لَهُ فَقَالَ: دُونَكَ الدَّابَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute