للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَارْكَبْهَا كَانَ فِي قَدْرِ مَا يَرْجِعُ مِنْ الْحِيرَةِ فَقَالَ: لَمْ أَرْكَبْهَا وَلَمْ أَنْطَلِقْ إلَى الْحِيرَةِ.

(قَالَ:) إذَا حَسِبَهَا فِي قَدْرِ مَا يَذْهَبُ إلَى الْحِيرَةِ وَيَرْجِعُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَذْهَبْ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ خُطُوَاتُ الدَّابَّةِ فِي طَرِيقِ الْحِيرَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ عَلَى أَرْيِهَا فِي الْبَيْتِ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ وَقَالَ: لَمْ أَذْهَبْ بِهَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَوَجَّهَ إلَى الْحِيرَةِ فَقَالَ: رَجَعْتُ وَلَمْ أَذْهَبْ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ تَوَجُّهَهُ إلَى الْحِيرَةِ وَمَضَى مِنْ الزَّمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ مِقْدَارُ مَا يَذْهَبُ وَيَجِيءُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَدْ أَتَى الْحِيرَةَ فَهُوَ فِي قَوْلِهِ رَجَعْتُ يَدَّعِي خِلَافَ مَا يَشْهَدُ بِهِ الظَّاهِرُ، وَإِنْ رَدَّهَا مِنْ سَاعَةٍ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَحِقُّ رَبُّ الدَّابَّةِ الْأَجْرَ بِالظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ حُجَّةٌ لِدَفْعِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ قُلْنَا اسْتِحْقَاقُهُ بِالْعَقْدِ عِنْدَ تَمَكُّنِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ اسْتِحْقَاقًا بِالظَّاهِرِ وَلِأَنَّهُ بِهَذَا الظَّاهِرِ يَدْفَعُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ إنِّي رَجَعْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الْحِيرَةَ.

وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ إلَى بَغْدَادَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْأَجْرَ إذَا رَجَعَ مِنْ بَغْدَادَ فَمَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ بِبَغْدَادَ فَالْأَجْرُ إلَى بَغْدَادَ دَيْنٌ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَسَقَطَ الْأَجَلُ أَيْضًا فَكَانَ أَجْرُ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>