للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّفْظِ وَقَالُوا: إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْقَمَرِ لَفْظُ الْخُسُوفِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ} [القيامة: ٧] {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: ٨] وَلَكِنَّا نَقُولُ: الْخُسُوفُ ذَهَابُ دَائِرَتِهِ وَالْكُسُوفُ ذَهَابُ ضَوْئِهِ دُونَ دَائِرَتِهِ فَإِنَّمَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ هَذَا النَّوْعَ بِذِكْرِ الْكُسُوفِ ثُمَّ الصَّلَاةُ فِيهَا فُرَادَى لَا بِجَمَاعَةٍ لِأَنَّ كُسُوفَ الْقَمَرِ بِاللَّيْلِ فَيَشُقُّ عَلَى النَّاسِ الِاجْتِمَاعُ وَرُبَّمَا يَخَافُ الْفِتْنَةَ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهَا بِالْجَمَاعَةِ وَالْأَصْلُ فِي التَّطَوُّعَاتِ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا مَا خَلَا قِيَامَ رَمَضَانَ لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَكُسُوفَ الشَّمْسِ لِوُرُودِ الْأَثَرِ بِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَا يُؤَدَّى بِالْجَمَاعَةِ مِنْ الصَّلَاةِ يُؤَذَّنُ لَهَا وَيُقَامُ وَلَا يُؤَذَّنُ لِلتَّطَوُّعَاتِ وَلَا يُقَامُ فَدَلَّ أَنَّهَا لَا تُؤَدَّى بِالْجَمَاعَةِ

(قَالَ) وَلَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَجْهَرُ بِهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى مُضْطَرِبٌ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَخْصُوصَةٌ تُقَامُ بِجَمْعٍ عَظِيمٍ فَيَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ كَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ. وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ حَرْفٌ مِنْ قِرَاءَتِهِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ» وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ النَّهَارِ وَفِي الْحَدِيثِ «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ» أَيْ لَيْسَ فِيهَا قِرَاءَةٌ مَسْمُوعَةٌ وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ وَقَعَ اتِّفَاقًا أَوْ تَعْلِيمًا لِلنَّاسِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهَا مَشْرُوعَةٌ

(قَالَ): وَلَا يُصَلَّى الْكُسُوفُ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ كَسَائِرِ التَّطَوُّعَاتِ

(قَالَ): وَلَا صَلَاةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ إنَّمَا فِيهَا الدُّعَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُصَلِّي فِيهَا رَكْعَتَيْنِ بِجَمَاعَةٍ كَصَلَاةِ الْعِيدِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَكْبِيرَاتٌ كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَهُوَ رِوَايَةُ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فِيهَا تَكْبِيرَاتٌ كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ» وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ» وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: ١٠] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١١] فَإِنَّمَا أَمَرَنَا بِالِاسْتِغْفَارِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ {يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١١] وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَسْتَسْقِيَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو فَمَا نَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ حَتَّى نَشَأَتْ سَحَابَةٌ فَمُطِرْنَا إلَى الْجُمُعَةِ الْقَابِلَةِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>