للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدِيثُ وَأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَرَجَ لِلِاسْتِسْقَاءِ فَمَا زَادَ عَلَى الدُّعَاءِ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ قَالَ: لَقَدْ اسْتَسْقَيْت لَكُمْ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يَسْتَنْزِلُ بِهَا الْمَطَرُ وَرُوِيَ أَنَّهُ خَرَجَ بِالْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَجْلَسَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَوَقَفَ بِجَنْبِهِ يَدْعُو وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَا بِدُعَاءٍ طَوِيلٍ فَمَا نَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ حَتَّى سَقَوْا فَدَلَّ أَنَّ فِي الِاسْتِسْقَاءِ الدُّعَاءَ وَهُوَ الِاسْتِغْفَارُ وَالْأَثَرُ الَّذِي نُقِلَ أَنَّهُ صَلَّى فِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاذٌّ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَمَا يَحْتَاجُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ إلَى مَعْرِفَتِهِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ شَاذٌّ وَهَذَا مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فِي دِيَارِهِمْ ثُمَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَخْطُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ الصَّلَاةِ نَحْوَ الْخُطْبَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الدُّعَاءُ فَلَا يَقْطَعُهَا بِالْجِلْسَةِ وَقَدْ وَرَدَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ وَرَدَ بِهِ حَدِيثٌ وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ فَإِذَا مَضَى صَدْرٌ مِنْ خُطْبَتِهِ قَلَبَ رِدَاءَهُ وَصِفَتُهُ إنْ كَانَ مُرَبَّعًا جَعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَإِنْ كَانَ مُدَوَّرًا جَعَلَ الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ حَدِيثٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ وَلَا تَأْوِيلَ لَهُ سِوَى أَنْ يُقَالَ تُغَيَّرُ الْهَيْئَةُ لِيَتَغَيَّرَ الْهَوَاءُ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْتَمِدَ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى عَصًا وَأَنْ يَتَنَكَّبَ قَوْسًا بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ وَهَذَا لِأَنَّ خُطْبَتَهُ تَطُولُ فَيَسْتَعِينُ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى عَصًا وَإِذَا قَلَبَ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ لَمْ يَقْلِبْ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّاسَ فَعَلُوا ذَلِكَ حِينَ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ. وَتَأْوِيلُهُ إنَّهُمْ اقْتَدُوا بِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا سُنَّةٌ كَمَا خَلَعُوا نِعَالَهُمْ حِينَ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا يَكُونُ مِنْ سُنَّةِ الْخُطْبَةِ يَأْتِي بِهِ الْخَطِيبُ دُونَ الْقَوْمِ كَالْقِيَامِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: إنْ شَاءَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ وَإِنْ شَاءَ أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدِ عِنْدَ الدُّعَاءِ سُنَّةٌ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدْعُو بِعَرَفَاتٍ بَاسِطًا يَدَيْهِ كَالْمُتَضَرِّعِ الْمِسْكَيْنِ» وَإِنَّمَا يَخْرُجُونَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ يُنْقَلْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُخْرِجُونَ الْمِنْبَرَ فِيهَا كَمَا بَيَّنَّا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ

(قَالَ): وَلَا يَخْرُجُ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إنْ خَرَجُوا لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ أَثَرٌ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فِي عَهْدِ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُمْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يَخْرُجُ النَّاسُ لِلدُّعَاءِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إلَّا فِي ضَلَالٍ وَلِأَنَّهُمْ بِالْخُرُوجِ يَسْتَنْزِلُونَ الرَّحْمَةَ وَمَا يَنْزِلُ عَلَى الْكُفَّارِ إلَّا اللَّعْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>