للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلًا أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَضَرَبَ أَحَدَ عَشَرَ سَوْطًا فَهُوَ مُتَعَدِّي فِي السَّوْطِ الْحَادِيَ عَشَرَ فَيَضْمَنُ نُقْصَانَ ذَلِكَ الْعَبْدِ مِنْ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي ضَرْبِ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ عَامِلٌ لِصَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ فَكَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ هَذَا بِنَفْسِهِ، وَقَدْ مَاتَ الْعَبْدُ مِنْ السِّيَاطِ كُلِّهَا فَتَوَزَّعَ بَدَلُ نَفْسِهِ نِصْفَيْنِ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الْحَيَاةِ لَا عَدَدِ الْجِنَايَاتِ

وَإِذَا سَلَّمَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ أُمَّتَهُ إلَى مَكْتَبٍ، أَوْ عَمَلٍ آخَرَ فَضَرَبَهُ الْأُسْتَاذُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِإِذْنِهِ كَفِعْلِ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ تَعَدِّيًا مِنْهُ وَفِعْلُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَكُونُ تَعَدِّيًا مِنْهُ وَفَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا ضَرَبَ الدَّابَّةَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا ضَرْبًا مُعْتَادًا فَقَالَا الضَّرْبُ مُعْتَادٌ هُنَاكَ عِنْدَ السَّيْرِ مُتَعَارَفٌ فَيُجْعَلُ كَالْمَأْذُونِ فِيهِ وَهُنَا الضَّرْبُ عِنْدَ التَّعْلِيمِ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ، وَإِنَّمَا الضَّرْبُ عِنْدَ سُوءِ الْأَدَبِ يَكُونُ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ التَّعْلِيمِ فِي شَيْءٍ فَالْعَقْدُ الْمَعْقُودُ عَلَى التَّعْلِيمِ لَا يُثْبِتُ الْإِذْنَ فِي الضَّرْبِ؛ فَلِهَذَا يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِيهِ نَصًّا، وَكَذَلِكَ إنْ سَلَّمَ ابْنَهُ فِي عَمَلٍ إلَى رَجُلٍ فَإِنْ ضَرَبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَبِ فَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ ضَرَبَهُ بِإِذْنِ الْأَبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدِّي فِي ضَرْبِهِ بِإِذْنِ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الَّذِي ضَرَبَهُ بِنَفْسِهِ فَمَاتَ كَانَ ضَامِنًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَهُمَا يَدَّعِيَانِ الْمُنَاقَضَةَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيَقُولَانِ إذَا كَانَ الْأُسْتَاذُ لَا يَضْمَنُ بِاعْتِبَارِ إذْنِ الْأَبِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَبُ ضَامِنًا إذَا ضَرَبَهُ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ ضَرْبُ الْأُسْتَاذِ لِمَنْفَعَةِ الصَّبِيِّ لَا لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَلَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يَأْذَنُ وَلِيُّهُ.

فَأَمَّا ضَرْبُ الْأَبِ إيَّاهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ بِغَيْرِ سُوءِ أَدَبِ وَلَدِهِ فَيَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَضَرْبِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ لَمَّا كَانَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ يُقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ.

وَإِذَا تَوَهَّنَ رَاعِي الرَّمَكَةِ رَمَكَةً مِنْهَا فَوَقَعَ الْوَهْنُ فِي عُنُقِهَا فَجَذَبَهَا فَعَطِبَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا أَمَرَهُ بِالتَّوَهُّنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِأَمْرِ صَاحِبِهَا كَفِعْلِ صَاحِبِهَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ التَّوَهُّنَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الرَّاعِي فِي شَيْءٍ وَلَا يَدُلُّ فِي مُقَابَلَتِهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ بِخِلَافِ الدَّقِّ مِنْ الْقَصَّارِ.

وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَخْتِنَ عَبْدَهُ، أَوْ ابْنَهُ فَأَخْطَأَ فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ كَانَ ضَامِنًا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ عَمَلَ الْخَتَّانِ مَعْلُومٌ بِمَحَلِّهِ. فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْكِتَابِ مَاذَا يَضْمَنُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي النَّوَادِرِ قَالَ إنْ بَرَأَ فَعَلَيْهِ كَمَالُ بَدَلِ نَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ بَدَلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَرَأَ

<<  <  ج: ص:  >  >>