للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَأْذُونِ فِيهِ صَارَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَخَرَجَ مِنْ عُهْدَةِ الْأَجِيرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ، وَإِنْ أَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ كَانَ الْغُلَامُ ضَامِنًا، وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ الْجِنَايَةِ فِي بَنِي آدَمَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ فِيمَا سَبَقَ.

وَكَذَلِكَ لَوْ مَرَّ بِشَيْءٍ مِنْ مَتَاعِهِ فِيمَا يَحْمِلُهُ فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فِي الْبَيْتِ فَقَتَلَهُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْغُلَامِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ فِي بَنِي آدَمَ مُوجِبَةُ الْأَرْشِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْعَقْدِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ، وَكَذَلِكَ إنْ انْكَسَرَ شَيْءٌ مِنْ أَدَوَاتِ الْقَصَّارِ بِعَمَلِ الْغُلَامِ مِمَّا يَدُقُّ بِهِ أَوْ يَدُقُّ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ مِنْ جِهَةِ الْأُسْتَاذِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَدُقُّ بِهِ وَلَا يُدَقُّ عَلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ دَعَا رَجُلٌ قَوْمًا إلَى مَنْزِلِهِ فَمَشَوْا عَلَى بِسَاطِهِ فَتَخَرَّقَ، أَوْ جَلَسُوا عَلَى وِسَادَةٍ فَتَخَرَّقَتْ، وَإِنْ كَانَ الضَّيْفُ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا فَلَمَّا جَلَسَ شَقَّ السَّيْفُ بِسَاطًا أَوْ وِسَادَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيمَا فَعَلَ مِنْ الْمَشْيِ وَالْجُلُوسِ وَتَقَلُّدِ السَّيْفِ، وَلَوْ وَطِئَ عَلَى آنِيَةٍ مِنْ أَوَانِيهِ، أَوْ ثَوْبًا لَا يُبْسَطُ مِثْلُهُ وَلَا يُوطَأُ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي الْوَطْءِ وَالْجُلُوسِ عَلَى مِثْلِهِ.

وَإِنْ حَمَلَ الْأَجِيرُ شَيْئًا فِي خِدْمَةِ أُسْتَاذِهِ فَسَقَطَ فَفَسَدَ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ سَقَطَ عَلَى وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ فَأَفْسَدَهَا كَانَ ضَامِنًا لَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ عَثَرَ فَسَقَطَ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ بِسَاطًا أَوْ وِسَادَةً اسْتَعَارَهُ لِلْبَسْطِ فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ وَلَا عَلَى أَجِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي بَسْطِهِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ.

وَإِذَا جَفَّفَ الْقَصَّارُ ثَوْبًا عَلَى حَبْلٍ فَمَرَّتْ بِهِ حَمُولَةٌ فِي الطَّرِيقِ فَخَرَقَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَصَّارِ؛ لِأَنَّهُ مُتْلَفٌ لَا بِعَمَلِهِ وَالضَّمَانُ عَلَى سَائِقِ الْحَمُولَةِ؛ لِأَنَّهُ مُسَبِّبٌ وَهُوَ مُتَعَدِّي فِي ذَلِكَ فَسَوْقُ الدَّابَّةِ فِي الطَّرِيقِ يَتَقَيَّدُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ. فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ كَانَ ضَامِنًا.

وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا فَلَمَّا بَلَغَ الْمَقْصِدَ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا لِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِكَمَالِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ ثُلُثَ قِيمَتِهَا بِقَدْرِ مَا زَادَ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الْعَارِيَّةِ وَذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَايَةِ فِي بَنِي آدَمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَاكَ عَدَدُ الْجُنَاةِ فِي حَقِّ ضَمَانِ النَّفْسِ وَأُوضِحَ الْفَرْقُ بِمَا ذَكَرْنَا فَقَالَ لَوْ أَنَّ حَائِطًا مَائِلًا لِرَجُلٍ ثُلُثَاهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ يُقَدَّمُ إلَيْهِمَا فِيهِ فَوَقَعَ عَلَى رَجُلٍ فَجَرَحَهُ وَقَتَلَهُ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ لَمْ يَجْرَحْهُ، وَلَكِنَّهُ قَتَلَهُ نَقْلُ الْحَائِطِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ نَقْلَ مِلْكِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ ضِعْفُ نَقْلِ مِلْكِ صَاحِبِ الثُّلُثِ، وَفِي الْجُرْحِ الْمُعْتَبَرِ أَصْلُ الْجِرَاحَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَارِجٌ لَهُ بِمِلْكِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْجَارِحِ بِيَدِهِ. فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ يَضْمَنُ بِاعْتِبَارِ نَقْلِ الزِّيَادَةِ، وَفِي مَسْأَلَةِ الشِّجَاجِ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ ضَمَانُ النَّفْسِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْجُرْحِ لَا مِقْدَارِهِ وَعَدَدِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>