للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمِ الْمَمْلُوكِ لَهُ الْمَقْهُورِ تَحْتَ يَدِهِ فَيَتَمَكَّنُ تُهْمَةُ الْكَذِبِ فِي شَهَادَتِهَا لَهُ، وَذَلِكَ تَنْعَدِمُ فِي شَهَادَتِهِ لَهَا وَاعْتَمَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ شَهِدَ لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي دَعْوَى فَدَكَ مَعَ امْرَأَةٍ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضُمِّي إلَى الرَّجُلِ رَجُلًا أَوْ إلَى الْمَرْأَةِ امْرَأَةً فَهَذَا اتِّفَاقٌ مِنْهُمَا عَلَى جَوَازِ شَهَادَةِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ.

وَلَكِنَّا نَقُولُ دَلِيلَ التُّهْمَةِ تَعُمُّ الْجَانِبَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قَرَّرْنَا فَرُبَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ فِي يَدِهِ فَمَا لَهَا فِي يَدِهِ مِنْ وَجْهٍ أَيْضًا فَهُوَ يُثْبِتُ الْيَدَ لِنَفْسِهِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَكَذَلِكَ بِكَثْرَةِ مَالِهَا تَزْدَادُ قِيمَةُ مِلْكِهِ فَإِنَّ قِيمَةَ الْمَمْلُوكِ بِالنِّكَاحِ تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ مَالِهَا وَكَثْرَةِ مَالِهَا. بَيَانُ ذَلِكَ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ الزَّوْجُ شَاهِدًا لِنَفْسِهِ وَلَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَعْمَلْ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ بَلْ رَدَّهَا وَكَانَ لِلرَّدِّ طَرِيقَانِ الزَّوْجِيَّةُ وَنُقْصَانُ الْعَدَدِ فَأَشَارَ إلَى أَبْعَدِ الْوَجْهَيْنِ تَحَرُّزًا عَنْ الْوَحْشَةِ، وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلِمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَعْمَلُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ لِنُقْصَانِ الْعَدَدِ وَكَرِهَ انْحِسَامَهَا بِالِامْتِنَاعِ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ؛ فَلِهَذَا شَهِدَ لَهَا، وَقَدْ قِيلَ إنَّ شَهَادَةَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهَا لَمْ تُشْتَهَرْ، وَإِنَّمَا الْمَشْهُورُ أَنَّهُ شَهِدَ لَهَا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ.

وَأَمَّا قَوْلُ شُرَيْحٍ وَلَا الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ فَهُوَ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ لِسَيِّدِهِ وَلَا لِغَيْرِ سَيِّدِهِ وَحُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ كَانَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَعْلَمَ النَّاسِ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَكَانَ إذَا قَالَ فِي شَيْءٍ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - عَلَى كَذَا نَزَلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَدْ قَالَ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا شَهَادَةَ لَهُ، وَقَدْ يُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا وَزَيْدًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - اخْتَلَفَا فِي الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى بَعْضَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُعْتَقُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى مِنْهُ. وَقَالَ زَيْدٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُعْتَقُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ فَقَالَ زَيْدٌ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَرَأَيْت لَوْ شَهِدَ أَكَانَ تُقْبَلُ بَعْضُ شَهَادَتِهِ دُونَ الْبَعْضِ فَهَذَا دَلِيلُ الِاتِّفَاقِ مِنْهُمَا عَلَى أَنْ لَا شَهَادَةَ لِلْعَبْدِ وَاخْتَلَفَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْعَبْدِ إذَا شَهِدَ فِي حَادِثَةٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ فَأَعَادَهَا فَقَالَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُقْبَلُ. وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُقْبَلُ فَذَلِكَ اتِّفَاقٌ مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا شَهَادَةَ لِلْعَبْدِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ لَا شَهَادَةَ لِلْعَبْدِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي الشَّهَادَةِ مَعْنَى الْوِلَايَةِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ مُلْزِمٌ عَلَى الْغَيْرِ ابْتِدَاءً، وَلَيْسَ مَعْنَى الْوِلَايَةِ إلَّا هَذَا وَالرِّقُّ يُبْقِي الْوِلَايَةَ فَالْأَصْلُ وِلَايَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ. فَإِذَا كَانَ الرِّقُّ يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ عَلَى نَفْسِهِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَقَدْ اسْتَدَلُّوا فِي الْكِتَابِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>