للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْرُوفِينَ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالنَّسَبِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مُتَمِّمًا عِلَّةَ اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّمَا يُحَالُ بِاسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَقَدْ أَقَرُّوا بِالرُّجُوعِ ثُمَّ إنَّهُمْ أَتْلَفُوهُ عَلَى الْوَرَثَةِ الْمَعْرُوفِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الْعَفْوِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِهَا كَانَ الْقِصَاصُ وَاجِبًا عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُوجِبُ شَيْئًا مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهَا وَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ بِهَا بَعْدَ مَا رَجَعُوا.

وَلَوْ شَهِدُوا لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ كَانَ أَبُوهُ كَافِرًا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَلِلْمَيِّتِ ابْنٌ كَافِرٌ فَقَضَى الْقَاضِي بِمَالِ ابْنِهِ لِلْمُسْلِمِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ ضَمِنُوا الْمِيرَاثَ كُلَّهُ لِلْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمْ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الِابْنِ الْكَافِرِ وَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَ كُفْرَ أَبِيهِ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّمَا صَارَ الْمِيرَاثُ كُلُّهُ مُسْتَحَقًّا لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ بِشَهَادَتِهِمَا فَعِنْدَ الرُّجُوعِ يَضْمَنَانِ ذَلِكَ

وَلَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ ابْنَانِ مُسْلِمَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ فَوَرَّثَهُمَا الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ أَحَدِهِمَا ضَمِنُوا جَمِيعَ مَا وَرِثَهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ بِبَيِّنَتِهِ أَثْبَتَ اسْتِحْقَاقَ جَمِيعِ الْمِيرَاثِ لِنَفْسِهِ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا فَالْمَشْهُودُ لَهُ إنَّمَا أَخَذَ نِصْفَ ذَلِكَ بِشَهَادَتِهِمَا لَهُ وَقَدْ أَقَرَّ بِالرُّجُوعِ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ رَجُلٌ عَنْ أَخٍ مَعْرُوفٍ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ وَشَهِدَ لَهُ بِهِ شَاهِدَانِ وَحَكَمَ لَهُ بِالْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا ذَلِكَ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّ الْأَخَ كَانَ مُسْتَحِقًّا بِجَمِيعِ الْمِيرَاثِ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِنَسَبِ الِابْنِ وَقَدْ أَقَرَّ بِالرُّجُوعِ أَنَّهُمَا أَتْلَفَا ذَلِكَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ

وَلَوْ كَانَ صَبِيٌّ فِي يَدِ رَجُلٍ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ فَأَثْبَتَ الْقَاضِي نَسَبَهُ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ فَقَضَى لَهُ بِمِيرَاثِهِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِالنَّسَبِ فِي حَيَاتِهِ، وَاسْتِحْقَاقُ الْمِيرَاثِ إنَّمَا يُحَالُ بِهِ عَلَى آخِرِ الْوَصْفَيْنِ وُجُودًا وَهُوَ الْمَوْتُ دُونَ مَا شَهِدَا بِهِ

وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا لِامْرَأَةٍ بِالنِّكَاحِ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَقَضَى بِهِ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ فَوَرِثَتْ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ ضَمِنَا جَمِيعَ مَا أَخَذَتْهُ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ آخِرَ الْوَصْفَيْنِ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ هُنَا وَبِهِ يَتِمُّ عِلَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ

وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ صَغِيرٌ وَأَمَةٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الصَّبِيَّ ابْنُهُ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذِهِ الْأَمَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَقَضَى الْقَاضِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ بِنْتَيْنِ سِوَى الصَّبِيِّ فَقَضَى الْقَاضِي لِلْمَرْأَةِ بِالْمَهْرِ وَقَسَّمَ الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَإِنَّ شُهُودَ الِابْنِ يَضْمَنُونَ قِيمَةَ الِابْنِ لِلْوَرَثَةِ إلَّا نَصِيبَ الِابْنِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُمْ أَتْلَفُوا مِلْكَهُ فِي الْعَبْدِ بِشَهَادَتِهِمْ فَإِنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمْ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إنَّ الصَّغِيرَ عَبْدُهُ فَإِنَّهُ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>