للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةُ وَاجِبَةً مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا ضَمَانُهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَيْضًا وَمَا بَلَغَ مِنْ أَرْشِ الْجِرَاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ فَصَاعِدًا إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ فِي سَنَةٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى ثُلُثٍ فَفِي سَنَةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ ضَمِنَاهُ حَالًا.

وَكَذَلِكَ الدِّيَةُ إنْ كَانَتْ قَدْ وَجَبَتْ حَالَةً وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا شَيْءٌ فَشَهِدَا أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهَا وَقَضَى بِالْبَرَاءَةِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا ذَلِكَ حَالًا؛ لِأَنَّهُمَا كَذَلِكَ أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ الْجَيِّدَ بِمِثْلِهِ وَالرَّدِيءَ بِمِثْلِهِ وَهَذَا لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا بِطَرِيقِ الْجُبْرَانِ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الضَّمَانُ نِصْفَهُ الْفَائِتَ

وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لِفُلَانٍ فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِهِ وَاَلَّذِي فِي يَدِهِ الْعَبْدُ يَجْحَدُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا وَضَمَّنَهُمَا الْقَاضِي الْقِيمَةَ فَأَدَّيَاهَا أَوْ لَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى وَهَبَ الْمَشْهُودُ لَهُ الْعَبْدَ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَبَضَهُ فَإِنَّ الشَّاهِدَيْنِ يَبْرَآنِ مِنْ الضَّمَانِ وَيَرْجِعَانِ فِيمَا أَدَّيَا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا لِأَجْلِ الْجُبْرَانِ وَقَدْ انْعَدَمَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ بِرُجُوعِ الْعَبْدِ إلَى يَدِ الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ الْعَبْدَ سَلَّمَ لَهُ بِمِلْكِهِ الْقَدِيمِ لَا بِالْهِبَةِ الَّتِي بَاشَرَهَا الْمَشْهُودُ لَهُ فَزَعْمُهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ فَإِنْ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي الْعَبْدِ وَقَبَضَهُ رَجَعَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ فَوَاتَ مِلْكِهِ وَيَدِهِ كَانَ بِسَبَبِ شَهَادَتِهِمَا لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا تَمَكَّنَ الْمَشْهُودُ لَهُ مِنْ اسْتِرْدَادِ الْعَبْدِ مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ الْهِبَةَ لَمَّا انْفَسَخَتْ بِالرُّجُوعِ صَارَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ.

وَإِنْ مَاتَ الْمَشْهُودُ لَهُ فَوَرِثَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ الْعَبْدَ رَجَعَ عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ بِمَا أَعْطَيَاهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ وُصُولَ الْعَبْدِ إلَى يَدِهِ بِقَدِيمِ مِلْكِهِ لَا بِالْمَوْتِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَتَلَ فَأَخَذَ الْمَشْهُودُ لَهُ الْقِيمَةَ فَوَرِثَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ عَوْدَ بَدَلِ الْعَبْدِ إلَيْهِ كَعَوْدِ عَيْنِهِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثَ مِثْلَهَا مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّ الْقِيمَةَ دَيْنٌ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ وَأَنَّهُ اسْتَوْفَى تَرِكَتَهُ بِحِسَابِ الدَّيْنِ دُونَ الْمِيرَاثِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَفِي حِصَّتِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَفَاءٌ بِالْقِيمَةِ فَفِي حَقِّهِ يُجْعَلُ ذَلِكَ سَالِمًا لَهُ بِجِهَةِ دَيْنِهِ كَمَا يَزْعُمُ وَيَنْعَدِمُ النُّقْصَانُ بِسَبَبِهِ فَلَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى الْمَشْهُودِ بِطَرِيقِ الْجُبْرَانِ

وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَالزَّوْجُ يَجْحَدُهُ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ طَلَّقَهَا عِنْدَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُمَا أَدْخَلَا فِي مِلْكِهِ مَا هُوَ مِثْلٌ لِمَا أَلْزَمَاهُ فَالْبُضْعُ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ، ثُمَّ تَقَرُّرُ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ كَانَ بِإِيقَاعِهِ الطَّلَاقَ بِاخْتِيَارِهِ.

وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَالَ تَزَوَّجْتُهَا بِغَيْرِ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ كَانَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ إلَى الْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي غَرِمَهَا الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ ثَبَتَ هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>