مِلْكًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَبَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَبَقِيَ الْيَمِينُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ بِحُكْمِ يَدِهِ
وَطَرِيقُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ ذَا الْيَدِ لَهُ نَوْعَانِ مِنْ الْحُجَّةِ الْيَدُ وَالْبَيِّنَةُ وَلِلْخَارِجِ نَوْعٌ وَاحِدٌ وَذُو الْحُجَّتَيْنِ يَتَرَجَّحُ عَلَى ذِي حُجَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي دَعْوَى النِّكَاحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَكَمَا لَوْ ادَّعَيَا تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ وَاحِدٍ وَأَحَدُهُمَا قَابِضٌ فَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَهَذَا لِأَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ وَجَبَ قَبُولُهَا الْآنَ لِصَيْرُورَتِهِ مُحْتَاجًا إلَى إقَامَتِهَا بِإِقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ وَلَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ تَقُومُ عَلَى مَا شَهِدَ لَهُ الظَّاهِرُ بِهِ فَلَا تَكُونُ حُجَّةً كَبَيِّنَةِ الْمَدِينِ عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَ إقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ لَمْ تُقْبَلْ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا فِي إسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهِ وَالْبَيِّنَةُ تُقْبَلُ لِهَذِهِ الْحَاجَةِ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْمُودَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ أَوْ هَلَاكِهَا فَكَذَلِكَ بَعْدَ إقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ وَهَذَا لِأَنَّ شُهُودَ ذِي الْيَدِ يَشْهَدُونَ لَهُ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ الْقَائِمَةِ وَلَا طَرِيقَ لِمَعْرِفَةِ الْمِلْكِ إلَّا الْيَدَ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ لَا تَنْدَفِعُ بِيَدِ ذِي الْيَدِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يُعَايِنُهَا فَكَذَلِكَ لَا تَنْدَفِعُ بِبَيِّنَةٍ تَعْتَمِدُ تِلْكَ الْيَدِ بِخِلَافِ النِّتَاجِ فَإِنَّ بِاعْتِبَارِ الْيَدِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الشَّهَادَةُ عَلَى النِّتَاجِ وَإِنَّمَا اعْتَمَدُوا سَبَبًا آخَرَ ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ بَيِّنَةِ مَجْهُولِ الْحَالِ عَلَى حُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِحُرِّيَّتِهِ بِسَبَبِ الدَّارِ فَإِنَّمَا اعْتَمَدُوا شَيْئًا آخَرَ ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَذَلِكَ شُهُودُ الشِّرَاءِ لِذِي الْيَدِ الَّذِي اعْتَمَدُوا سَبَبًا، وَذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ أَيْضًا عِنْدَ الْقَاضِي فَوَجَبَ قَبُولُ بَيِّنَتِهِ ثُمَّ يَتَرَجَّحُ بِيَدِهِ وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ أَنَّ الْبَيِّنَاتِ تَتَرَجَّحُ بِزِيَادَةِ الْإِثْبَاتِ وَالْإِثْبَاتُ فِي بَيِّنَةِ الْخَارِجِ أَكْثَرُ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ عَلَى خَصْمٍ هُوَ مَالِكٌ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ عَلَى خَصْمٍ هُوَ مَالِكٌ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ إقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِحْقَاقُ لَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلَا يَصِيرُ هُوَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَوْ قَضَى بِبَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ وَإِذَا قَضَى بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ صَارَ ذُو الْيَدِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَلِزِيَادَةِ الْإِثْبَاتِ رَجَّحْنَا بَيِّنَةَ الْخَارِجِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْخَارِجِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ هُنَاكَ يُثْبِتُ أَوَّلِيَّةَ الْمَالِكِ لِصَاحِبِهِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ اسْتِحْقَاقًا عَلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَا يَصِيرُ ذُو الْيَدِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي لِلْخَارِجِ وَجَبَ قَبُولُ بَيِّنَتِهِ فَلَمَّا اسْتَوَيَا فِي الْإِثْبَاتِ رَجَّحْنَا بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ
وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَيَا تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ وَاحِدٍ فَقَدْ اسْتَوَتْ الْبَيِّنَاتُ فِي الْإِثْبَاتِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْبَائِعِ فَرَجَّحْنَا بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ لِتَأْكِيدِ شِرَائِهِ بِالْقَبْضِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهَا حُجَّةٌ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَيَتَحَقَّقُ التَّعَارُضُ وَهُنَا الْبَيِّنَتَانِ لِلْإِثْبَاتِ لَا لِلنَّفْيِ وَحَاجَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute