للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذِي الْيَدِ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْخَارِجِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ التَّعَارُضُ وَالْفَصْلُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ مُوجِبًا لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ عِنْدَنَا وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُخْبِرَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَنَّ مِنْ رَأْيِهِ الْقَضَاءَ بِالنُّكُولِ إيلَاءً لِعُذْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَضَى عَلَيْهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ الْمَالَ وَإِنْ أَبَى انْقَطَعَتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا وَحُجَّتُهُ فِي مَنْعِ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ أَنَّهُ سُكُوتٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِ كَسُكُوتِهِ عَنْ الْجَوَابِ فِي الِابْتِدَاءِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ قَدْ يَكُونُ لِلتَّوَرُّعِ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ وَقَدْ يَكُونُ لِلتَّرَفُّعِ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ كَمَا فَعَلَهُ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ خَشِيتُ أَنْ يُوَافِقَ قَدْرَ يَمِينِي فَيُقَالُ أُصِيبَ بِيَمِينِهِ وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً.

وَحُجَّتُهُ فِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ادَّعَى مَالًا عَلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ الْمِقْدَادُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِيَحْلِفْ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِيَحْلِفْ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَأْخُذْ حَقَّهُ فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَقَدْ أَنْصَفَ الْمِقْدَادُ وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ حَلَّفَ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ لِكَوْنِ الظَّاهِرِ شَاهِدًا لَهُ وَبِنُكُولِهِ صَارَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْمُدَّعِي فَيَعُودُ الْيَمِينُ إلَى جَانِبِهِ وَلِهَذَا بَدَأْنَا فِي اللِّعَانِ بِأَيْمَانِ الْخُرُوجِ لِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُلَوِّثُ فِرَاشَهُ كَاذِبًا وَبَدَأْتُ أَنَا فِي الْقِيَامَةِ بِيَمِينِ الْوَلِيِّ لِلشَّهَادَةِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ ظَاهِرَةً بَيْنَ الْقَتِيلِ وَأَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَكَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا بِدُخُولِهِمْ فِي مَحَلَّتِهِمْ إلَى أَنْ وُجِدَ قَتِيلًا وَلَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ قَضَى عَلَى الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ حَبْلُكَ عَلَى غَارِبِكَ عِنْدَ نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ وَقَضَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ عِنْدَ نُكُولِهَا عَنْ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ حِلِّ الصَّلَاةِ لَهَا وَقَالَ ابْنُ مُلَيْكَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كُنْتُ قَاضِيًا بِالْبَصْرَةِ فَاخْتَصَمَ إلَيَّ امْرَأَتَانِ فِي سِوَارٍ فَطَلَبْتُ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُدَّعِيَةِ فَلَمْ أَجِدْ وَعَرَضْتُ الْيَمِينَ عَلَى الْأُخْرَى فَنَكَلَتْ فَكَتَبْتُ إلَى أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَوَرَدَ كِتَابُهُ أَنْ أَحْضِرْهُمَا وَاتْلُ عَلَيْهِمَا قَوْله تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: ٧٧] الْآيَةَ ثُمَّ اعْرِضْ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِيَةِ عَلَيْهَا فَإِنْ نَكَلَتْ فَاقْضِ عَلَيْهَا وَقَضَى شُرَيْحٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالنُّكُولِ بَيْنَ يَدَيْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ لَهُ (قالون) وَهِيَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَصَبْتَ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ حَلَّفَ الْمُدَّعِيَ فَبِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْلِفُ مَعَ تَمَامِ حُجَّةِ الْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِذَلِكَ.

وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ ادَّعَى الْإِيفَاءَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>