للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّيْءُ مِلْكِي وَفِي يَدِي لَمْ يَسْمَعْ الْقَاضِي دَعْوَاهُ وَقَالَ لَهُ إذَا كَانَ مِلْكٌ فِي يَدِكَ فَمَاذَا تَطْلُبُ مِنِّي فَتَأْوِيلُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْخَصْمَ لَا يَدَّعِي إلَيْهِ الْيَدَ لِنَفْسِهِ وَهُنَا الْخَصْمُ يَدَّعِي الْيَدَ لِنَفْسِهِ فَلِهَذَا قَبِلَ دَعْوَى الْيَدِ لِنَفْسِهِ وَقَضَى لَهُ بِهَا عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَإِنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَمَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ أَنَّهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَوَاضَعَا فِي مَحْدُودٍ فِي يَدِ ثَالِثٍ عَلَى أَنْ يَدَّعِيَهُ أَحَدُهُمَا وَيُقِرَّ الْآخَرُ بِأَنَّهُ فِي يَدِهِ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَلَكِنَّ تَأْوِيلَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْخَصْمَ الْآخَرَ لَمْ يُثْبِتْ يَدَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَهُنَا قَدْ أَثْبَتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَ الْبَيِّنَةِ فَلِهَذَا قَبِلْنَا بَيِّنَةَ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ عَلَى الْيَدِ وَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينَ صَاحِبِ مَا هِيَ فِي يَدِهِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحَلِّفَ الْبَيِّنَةَ مَا هِيَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِصَاحِبِهِ بِمَا ادَّعَى لَزِمَهُ حَقُّهُ فَإِذَا أَنْكَرَ حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهَا الْقَاضِي فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ حُجَّةَ الْقَضَاءِ بِالْيَدِ لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَكِنْ يَمْنَعُهُمَا مِنْ الْمُنَازَعَةِ وَالْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ فَأَيُّهُمَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَجْعَلْهَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ حَلَفَ وَلَمْ يَجْعَلْهَا فِي يَدِ الَّذِي حَلَفَ بِنُكُولِ هَذَا النَّاكِلِ أَيْضًا لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَنَّهُمَا تَوَاضَعَا لِلتَّلْبِيسِ عَلَى الْقَاضِي وَذَلِكَ يَمْنَعُ النَّاكِلَ عَنْ مُنَازَعَةِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فَإِنْ وَجَدَهَا فِي يَدِ آخَرَ لَمْ يَنْزِعْهَا مِنْ يَدِهِ الَّذِي أَنْفَذَهُ بَيْنَ هَذَيْنِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى غَيْرِهِمَا وَالْقَضَاءُ بِحَسَبِ الْحُجَّةِ

قَالَ عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلَيْنِ ادَّعَاهُ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ أَمْسِ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بَعْدَ مَا عَرَفَ الْقَاضِي زَوَالَهُمَا وَلَمْ يَثْبُتْ سَبَبُ الزَّوَالِ وَمِثْلُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مَا كَانَ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي إنَّمَا تُقْبَلُ بِطَرِيقِ أَنَّ مَا عُرِفَ ثُبُوتُهُ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَاسْتِصْحَابُ الْحَالِ إنَّمَا يَجُوزُ بَقَاؤُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ فِيمَا لَمْ يَتَيَقَّنْ بِزَوَالِهِ وَرَوَى أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ أَمْسِ عِنْدَهُ تُقْبَلُ وَلَكِنَّ هَذَا الْقِيَاسَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ مُعَايَنٍ وَلَا يَتَيَقَّنُ الْقَاضِي بِزَوَالِ مَا شَهِدُوا بِهِ فِي الْحَالِ فَكَانَ لِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ طَرِيقَانِ بِخِلَافِ الْيَدِ فَإِنَّهُ مُعَايِنٌ قَدْ عَلِمَ الْقَاضِي انْفِسَاخَ يَدِهِ بِالْيَدِ الظَّاهِرِ لِلْغَيْرِ فَلَا طَرِيقَ لِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ فِيهِ وَلَوْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي أَمْسِ أُمِرَ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُلْزِمٌ بِنَفْسِهِ قَبْلَ اتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَيَظْهَرُ بِإِقْرَارِهِ يَدُ الْمُدَّعِي أَمْسِ فَيُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُثْبِتْ حَقًّا لِنَفْسِهِ فَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَلَا تُوجِبُ الْحَقَّ إلَّا بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا وَيَتَعَذَّرُ عَلَى الْقَاضِي الْقَضَاءُ بِشَيْءٍ يُعْلَمُ وَالْحَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>