لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ)؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَارِثِينَ خَصْمٌ عَنْ مُوَرِّثِهِ فَكَأَنَّ الْمُوَرِّثَيْنِ حَيَّانِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ لَهُمَا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَفِي هَذَا يُقْضَى بِالْمِلْكِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَنَا، وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَعِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْضَى لِأَكْثَرِهِمَا عَدَدًا فِي الشُّهُودِ وَفِي أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَيُقْضَى لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَمَالِكٌ يَقُولُ الشَّهَادَةُ إنَّمَا تَصِيرُ حُجَّةً بِالْعَدَالَةِ فَالْأَعْدَلُ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً أَقْوَى وَالضَّعِيفُ لَا يُزَاحِمُ الْقَوِيَّ وَالْأَوْزَاعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ إلَى قَوْلِ الْمَثْنَى فَيَتَرَجَّحُ أَكْثَرُهُمَا شُهُودًا بِزِيَادَةِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ فِي قَوْلِهِمْ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ بِالتَّهَاتُرِ يَقُولُ قَدْ تَيَقَّنَ الْقَاضِي بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَلَا يَعْرِفُ الصَّادِقَ مِنْ الْكَاذِبِ فَيَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِهِمَا.
كَمَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَآخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِالْكُوفَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهَذَا لِأَنَّ تُهْمَةَ الْكَذِبِ تَمْنَعُ الْعَمَلَ بِالشَّهَادَةِ فَالتَّيَقُّنُ بِالْكَذِبِ أَوْلَى وَاسْتَدَلَّ بِمِلْكِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي امْرَأَةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ بِالْقُرْعَةِ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي أَمَةٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَأَقْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ تَقْضِي بَيْنَ عِبَادِكَ بِالْحَقِّ ثُمَّ قَضَى بِهَا لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ» وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي بَغْلَةٍ بَيْنَ يَدَيْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ خَمْسَةً مِنْ الشُّهُودِ فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَصْحَابِهِ مَاذَا تَرَوْنَ فَقَالُوا يُعْطَى لِأَكْثَرِهِمَا شُهُودًا فَقَالَ فَلَعَلَّ الشَّاهِدَيْنِ خَيْرٌ مِنْ خَمْسَةٍ ثُمَّ قَالَ فِي هَذَا قَضَاءٌ وَصُلْحٌ أَمَّا الصُّلْحُ أَنْ يُجْعَلَ الْبَغْلَةَ بَيْنَهُمَا سِهَامًا عَلَى عَدَدِ شُهُودِهِمَا وَأَمَّا الْقَضَاءُ أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا وَيَأْخُذَ الْبَغْلَةَ فَإِنْ تَشَاحَّا عَلَى الْحَلِفِ أَقْرَعْتُ بَيْنَهُمَا وَقَضَيْتُ بِهَا لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَلِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْقُرْعَةِ لِتَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَلَنَا حَدِيثُ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي عَيْنٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ مَا أَحْوَجَكُمَا إلَى سِلْسِلَةٍ كَسِلْسِلَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذَا جَلَسَ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ نَزَلَتْ سِلْسِلَةٌ مِنْ السَّمَاءِ فَأَخَذَتْ بِعُنُقِ الظَّالِمِ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute