الْأَخِ لِلْمِيرَاثِ يَتَعَلَّقُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ كَلَالَةً؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: ١٢] الْآيَةَ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: ١٧٦] وَالْكَلَالَةُ مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ هَذَا الشَّرْطُ بِالنَّصِّ مِنْ الشُّهُودِ لَا يَكُونُ هُوَ وَارِثًا وَمَا لَمْ يُثْبِتْ وِرَاثَتَهُ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَإِنَّهُ وَارِثٌ بِنَسَبِهِ غَيْرُ مَحْجُوبٍ بِأَحَدٍ.
فَإِنْ (قِيلَ) كَيْفَ يُثْبِتُ اسْتِحْقَاقَهُ بِقَوْلِ الشُّهُودِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ (قُلْنَا) أَمَّا إذَا قَالُوا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا لَا تُقْبَلُ لِتَيَقُّنِ الْقَاضِي أَنَّهُمْ جَازَفُوا؛ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَةِ نَفْيِ الْوَارِثِ وَعِنْدَنَا تُقْبَلُ بِنَاءً عَلَى الْعَادَةِ أَنَّ مُرَادَ النَّاسِ مِنْ هَذَا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْهُمْ عَلَى إثْبَاتِ شَرْطِ الْوِرَاثَةِ إلَّا أَنَّ الشَّرْطَ نَفْيٌ وَالشَّرْطُ يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ نَفْيًا كَانَ أَوْ إثْبَاتًا كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا فَأَمَّا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ إذَا أَثْبَتَ أَحَدُهُمَا سَبَبَ إرْثِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَمْ يُثْبِتْ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ غَيْرُهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يُقْضَى لَهُمَا بِأَكْثَرِ النَّصِيبَيْنِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِلزَّوْجِ بِالنِّصْفِ وَلِلْمَرْأَةِ بِالرُّبْعِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْضَى لَهُمَا بِأَقَلِّ النَّصِيبَيْنِ: لِلزَّوْجِ بِالرُّبْعِ وَلِلْمَرْأَةِ بِالثُّمُنِ قَالَ: لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ لِأَكْثَرِ النَّصِيبَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَلَدِ بِالنَّصِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: ١٢] وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِنَصٍّ مِنْ الشُّهُودِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَا يُقْضَى لَهُمَا إلَّا بِالْمُتَيَقَّنِ وَلِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ بِهَا دُونَ الْأُخُوَّةِ فَبِالْأُخُوَّةِ تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَالِ وَلَا تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِالزَّوْجِيَّةِ بِحَالٍ، ثُمَّ الْأَخُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَيَقُّنَ بِاسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ لَهُ فَكَذَلِكَ الزَّوْجُ فِيمَا لَا يُتَيَقَّنُ بِاسْتِحْقَاقِهِ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ فِي الْكُلِّ أَوْ دُونِهِ وَحُجَّتُهُمَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَثْبَتَ سَبَبَ الْوِرَاثَةِ مَنْ لَا يُحْجَبُ عَنْ الْمِيرَاثِ بِأَحَدٍ فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مِيرَاثِهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ كَالْأَبِ وَالْوَلَدِ وَهَذَا لِأَنَّ حِرْمَانَهُ عَنْ أَكْثَرِ النَّصِيبَيْنِ بِوَلَدٍ يَحْجُبُهُ وَهَذَا الْحَاجِبُ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَيَبْقَى مُسْتَحِقًّا بِمَا أَثْبَتَ مِنْ السَّبَبِ وَصَارَ الزَّوْجُ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا زَادَ عَلَى الرُّبْعِ كَالْأَبَوَيْنِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا زَادَ عَلَى السُّدُسِ.
وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَعَلَّقُ بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَلَدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] الْآيَةَ ثُمَّ هُنَاكَ يُقْضَى لَهُمَا بِالْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْحَاجِبَ غَيْرُ ظَاهِرٍ هُنَاكَ كَذَلِكَ هُنَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُعْطَى لِلْمَرْأَةِ رُبْعُ الثُّمُنِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ نَصِيبِهَا هَذَا فَلَعَلَّ لِلْمَرْءِ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ سِوَاهَا وَهَذَا لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute