للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ الْآخَرُ فِيهِ وَهُوَ خَصْمٌ عَنْ بَائِعِهِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ لَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَرَّخَ شُهُودُهُ فَكَانَ هُوَ أَوْلَى بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا لَهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَشَهَادَتُهُمْ بِالْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ شَهَادَتِهِمْ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ إذَا شَهِدُوا بِالشِّرَاءِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَشْهَدُوا بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي وَلَكِنْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا بَاعَهَا مِنْهُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَقَبَضَهَا فَهَذَا وَشَهَادَتُهُمْ بِالْمِلْكِ لَهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ فِي الظَّاهِرِ إنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّسْلِيمِ إذَا كَانَ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي إنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَبْضِ إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَالِكِ وَلِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ يَتَأَكَّدُ بِالتَّسْلِيمِ فَشَهَادَتُهُمْ عَلَى سَبَبِ مِلْكٍ مُتَأَكَّدٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا بَاعَهَا مِنْهُ وَاسْتَوْفَى الثَّمَنَ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَنَقَدَ الْبَائِعَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِالْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ لَمْ يُقْضَ لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ فَلَا يُوجِبُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ إثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي نَصًّا وَلَا دَلَالَةً فَلَا يُقْضَى بِهَا لَهُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَضَيْنَا بِالْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي إذَا حَضَرَ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ بَاعَهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى إنْكَارِهِ؛ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ انْتَصَبَ خَصْمًا عَنْ الْبَائِعِ فِي إنْكَارِهِ لِلْبَائِعِ الْبَيْعَ وَالْمُشْتَرِي لَا يَتَوَصَّلُ إلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِنَفْسِهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ سَبَبِهِ وَهُوَ الشِّرَاءُ مِنْ الْغَائِبِ وَمَتَى كَانَ حَقُّ الْحَاضِرِ مُتَّصِلًا بِحَقِّ الْغَائِبِ انْتَصَبَ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَقَدْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى خَصْمٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ وَلَمْ يُوَقِّتْ شُهُودُهُ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ فَإِنِّي أَقْضِي بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ تَارِيخَ ذِي الْيَدِ لَيْسَ بِدَلِيلِ سَبْقِ مِلْكِهِ فَلَعَلَّ شُهُودَ الْمُدَّعِي لَوْ أَرَّخُوا ذَكَرُوا تَارِيخًا سَابِقًا فَلَا يَسْتَحِقُّ ذُو الْيَدِ التَّرْجِيحَ بِمَا هُوَ مُحْتَمَلٌ فِي نَفْسِهِ وَالْتَحَقَ بِمَا لَوْ لَمْ يُذْكَرْ الْوَقْتُ فَتَتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي.

وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ شَكَّ الشُّهُودُ فِي ذَلِكَ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ قَضَيْتُ بِهَا لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ شُهُودَ الْخَارِجِ شَكُّوا فِيمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ وَمَعَ الشَّكِّ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ التَّارِيخِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ مِنْ تَارِيخِهِمْ مَا يَتَّفِقُوا بِهِ وَذَلِكَ سَنَةٌ فَصَارَ تَارِيخُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقَ فَتَتَرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ فِيهِ فِيمَا سَبَقَ وَلَوْ وَقَّتَ شُهُودُ الْمُدَّعِي سَنَةً وَوَقَّتَ شُهُودُ ذُو الْيَدِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ شَكُّوا فِي ذَلِكَ فَهُوَ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ مَا شَكَّ فِيهِ شُهُودُ ذِي الْيَدِ لَمْ يَثْبُتْ وَفِيمَا يَتَّفِقُوا فِيهِ اسْتَوَى تَارِيخُ ذِي الْيَدِ وَالْخَارِجِ فَتَتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعِي أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ عَامَ أَوَّلٍ وَشُهُودُ ذِي الْيَدِ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ الْعَامِ قَضَيْتُ بِهَا لِلْمُدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>