لِأَنَّ تَارِيخَ شُهُودِهِ أَسْبَقُ وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعِي أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ الْعَامِ وَشُهُودُ ذِي الْيَدِ أَنَّهَا لَهُ عَامَ أَوَّلٍ قَضَيْتُ بِهَا لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ شُهُودَهُ شَهِدُوا بِتَارِيخٍ أَسْبَقَ مِنْ تَارِيخِ الْمُدَّعِي فَثَبَتَ مِلْكُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَبَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْغَيْرُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ.
قَالَ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ قَضَيْتُ بِهَا لِصَاحِبِ السَّنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي يَدِ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدَّارِ فَفِي النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ مَنْ أَرَّخَ شُهُودُهُ سَنَةً بَيِّنَةُ الْخَارِجِ قَامَتْ بِتَارِيخٍ سَابِقٍ فَكَانَ هُوَ أَوْلَى وَفِي النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ مَنْ أَرَّخَ شُهُودُهُ بِسَنَتَيْنِ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ قَامَتْ عَلَى تَارِيخٍ سَابِقٍ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فَيَسْتَحِقُّ التَّرْجِيحَ بِهِ أَيْضًا وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ ثُلُثَهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ ثُلُثَهَا مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَإِنِّي أَقْضِي بِالثُّلُثَيْنِ لِصَاحِبِ السَّنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَنْصَرِفُ إلَى مَا فِي يَدِهِ أَوَّلًا ثُمَّ فِيمَا يَفْضُلُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ يَنْصَرِفُ دَعْوَاهُ إلَى مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ يَدَهُ يَدًا مُحِقَّةً تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ وَحَمْلًا لِفِعْلِهِ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَوْ صَرَفْنَا دَعْوَاهُ إلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ يَدًا مُحِقَّةً وَفِي يَدِهِ نِصْفُ الدَّارِ فَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ وَهُوَ السُّدُسُ اجْتَمَعَ فِيهِ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ فَهُوَ أَوْلَى وَلِأَنَّ الْآخَرَ لَيْسَ يَدَّعِي إلَى الثُّلُثِ وَدَعْوَاهُ مُنْصَرِفَةٌ إلَى مَا فِي يَدِهِ فَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ هُوَ لَا يُنَازِعُ الْآخَرَ فِيهِ وَقَدْ أَثْبَتَ الْآخَرُ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ فَيُقْضَى لَهُ بِهِ، وَتَرَكَ الثُّلُثَ فِي يَدِ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ قَضَاءَ تَرْكٍ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ لَمْ تَقُمْ عَلَى مُنَازِعٍ لَهُ فِيهِ يَدٌ وَلَا مِلْكًا فَهَذَا الطَّرِيقُ فِيمَا إذَا كَانَ مَنْ أَرَّخَ سَنَةً يَدَّعِي ثُلُثَهَا وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ فِيمَا إذَا كَانَ يَدَّعِي نِصْفَهَا وَقَدْ اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ فِي وَضْعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
قَالَ أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهَا أَلْبَتَّةَ مُنْذُ شَهْرٍ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهَا عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا مُدَبَّرَةً لِمُدَّعِي التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ تَارِيخَ شُهُودِهِ أَسْبَقُ فَإِنَّهُمْ أَثْبَتُوا الْمِلْكَ وَالتَّدْبِيرَ لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَالْمِلْكُ الْمُتَأَكَّدُ بِالتَّدْبِيرِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَشُهُودُ الْآخَرِ إنَّمَا شَهِدُوا بِالْعِتْقِ فِيمَنْ لَا يَمْلِكُهَا وَذَلِكَ غَيْرُ مُفِيدٍ ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَوَّلِ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْعِتْقِ وَهِيَ حُرَّةٌ الْبَتَّةُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ الْخَارِجَيْنِ إذَا أَرَّخَا الْمِلْكَ بِتَارِيخَيْنِ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا لِسَبْقِ التَّارِيخِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي بَابِ دَعْوَى الْمِيرَاثِ فَهُنَا لَمَّا اسْتَوَيَا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بَقِيَ التَّرْجِيحُ بِمَا أَثْبَتُوا مِنْ الْعِتْقِ وَالْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ إذَا اجْتَمَعَا يَتَرَجَّحُ الْعِتْقُ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يُوطَأَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُرِّيَّتِهَا مِنْ جِهَةِ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute