للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَقُولُ مَا لَا يَتَكَرَّرُ فَهُوَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَلْتَحِقُ بِهِ وَيَكُونُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ فِيهِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ وَمَا يَتَكَرَّرُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُعَادُ فِيهِ إلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ

قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى الدَّابَّةَ خَارِجَانِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَابَّتُهُ نَتَجَهَا عِنْدَهُ وَيُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ وَقَّتَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ تُوَقِّتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ وَهِيَ مُشْكِلَةُ السِّنِّ قُضِيَ بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يُوَقِّتْ أَثْبَتَ مِلْكَهُ فِيهَا مِنْ حِينِ وُجِدَتْ، وَالْمِلْكُ لَا يَسْبِقُ الْوُجُودَ فَلَمْ يَكُنْ التَّوْقِيتُ مُفِيدًا شَيْئًا فِي حَقِّ مَنْ وَقَّتَهُ إذَا كَانَتْ مُشْكِلَةُ السِّنِّ فَكَانَ ذِكْرُهُ كَعَدَمِ ذِكْرِهِ فَإِنْ كَانَ السِّنُّ عَلَى أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ، وَقَدْ وَقَّتَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتًا قَضَيْتُ بِهَا لِمَنْ وَافَقَ تَوْقِيتُهُ سِنَّ الدَّابَّةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرِ؛ لِأَنَّ عَلَامَةَ الصِّدْقِ ظَهَرَتْ فِي شَهَادَةِ مَنْ وَافَقَ سِنَّ الدَّابَّةِ تَوْقِيتُهُ.

وَعَلَامَةُ الْكَذِبِ تَظْهَرُ فِي شَهَادَةِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ فَيُقْضَى بِالشَّهَادَةِ الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا عَلَامَةُ الصِّدْقِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً قَضَيْتُ بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ قَالَ: جَمَعَ فِي السُّؤَالِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ مُشْكِلَةً فَأَمَّا إذَا كَانَ سِنُّهَا عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ يُعْلَمُ ذَلِكَ، ظَهَرَ بُطْلَانُ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي وَاحِدًا وَوَقْتُ شُهُودِهِ الْمِلْكَ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَهِيَ بِنْتُ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ أَنَّ بَيِّنَتَهُ بَاطِلَةٌ فَكَذَلِكَ هُنَا إذَا كَانَ سِنُّهَا عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ فَقَدْ عَلِمَ الْقَاضِي بِمُجَازَفَةِ الْفَرِيقَيْنِ وَكَذِبِهِمَا فِي الشَّهَادَةِ، وَقَدْ فَعَلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِثْلَ هَذَا فِي الْكِتَابِ، جَمَعَ بَيْنَ السُّؤَالَيْنِ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَتَرَكَ الْآخَرَ فِي النِّكَاحِ، وَالْإِجَارَاتِ وَغَيْرِهِمَا أَوْ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً " أَوْ " تَأْتِي بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: ١٤٧] مَعْنَاهُ: وَيَزِيدُونَ فَهُنَا أَيْضًا مَعْنَاهُ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ، وَكَانَتْ مُشْكِلَةً فَحِينَئِذٍ الْجَوَابُ صَحِيحٌ وَالْأَصَحُّ أَنْ يَقُولَ جَوَابُهُ صَحِيحٌ لِلْفَصْلَيْنِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُشْكِلَةً؛ فَلَا شَكَّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ ذِكْرِ الْوَقْتِ لَحِقَهُمَا وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِي اعْتِبَارِهِ إبْطَالُ حَقِّهِمَا فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ ذِكْرِ الْوَقْتِ أَصْلًا وَيُنْظَرُ إلَى مَقْصُودِهِمَا وَهُوَ إثْبَاتُ الْمِلْكِ فِي الدَّابَّةِ، وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ فَوَجَبَ الْقَضَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا التَّوْقِيتَ بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَبَقِيَتْ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْفَرِيقَانِ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمَا عَلَى ذِي الْيَدِ فَكَيْفَ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ مَعَ قِيَامِ حُجَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسْجِ وَالثِّيَابِ، وَالنِّتَاجِ وَالْمِلْكِ لَهُ، وَأَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قَضَيْتُ بِهَا لِذِي الْيَدِ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ اسْتَوَيَا فَيَتَرَجَّحُ ذُو الْيَدِ بِحُكْمِ يَدِهِ، وَإِنْ وَقَّتَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الدَّابَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>