للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ عَلَى وَقْتِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي قَضَيْتُ بِهَا لَهُ؛ لِأَنَّ عَلَامَةَ الصِّدْقِ ظَهَرَتْ فِي شَهَادَةِ شُهُودِهِ وَعَلَامَةُ الْكَذِبِ ظَهَرَتْ فِي شَهَادَةِ شُهُودِ ذِي الْيَدِ.

وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ عَلَى وَقْتِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً قَضَيْتُ بِهَا لِذِي الْيَدِ إمَّا لِظُهُورِ عَلَامَةِ الصِّدْقِ فِي شُهُودِهِ أَوْ لِسُقُوطِ اعْتِبَارِ التَّوْقِيتِ إذَا كَانَتْ مُشْكِلَةً

قَالَ: وَإِذَا كَانَ الثَّوْبُ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ خَارِجٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ثَوْبُهُ نَسَجَهُ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً فَهُوَ لِذِي الْيَدِ، وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُنْسَجُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَهُوَ لِلْخَارِجِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا لَا يَسْتَبِينُ أَنَّهُ يُنْسَجُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ قَضَيْتُ بِهِ لِلْمُدَّعِي وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَصْلِ.

قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الْحَاصِلِ، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ؛ لِأَنَّ النِّتَاجَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مَرَّةً فَمَا لَا يَكُونُ إلَّا مُشْكِلًا لَا يَكُونُ فِي مَعْنَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ حَقِيقَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُؤْخَذُ فِيهِ بِأَصْلِ الْقِيَاسِ وَيُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي.

، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي نَصْلِ سَيْفٍ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ سَيْفُهُ ضَرَبَهُ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ مِنْ الصَّيَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُشْكِلٌ عَلَى الْقَاضِي فَيَسْأَلُ عَنْهُ مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]، وَقَالَ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُنَازِعُوا الْأَمْرَ أَهْلَهُ» فَإِنْ قَالُوا: لَا يُضْرَبُ إلَّا مَرَّةً يُقْضَى بِهِ لِذِي الْيَدِ، وَإِنْ قَالُوا يُضْرَبُ مِثْلُهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَعْرِفُوا؛ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي غَزْلٍ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ يُقْضَى بِهِ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهَا؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ لَا يُغْزَلُ إلَّا مَرَّةً فَكَانَ هَذَا فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَبِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ قُطْنًا فَغَزَلَهُ بِمِلْكِهِ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ إذَا غَزَلَهُ، وَنَسَجَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ، وَلَمَّا جَعَلَهُ هُنَا فِي مَعْنَى النِّتَاجِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالنِّتَاجُ سَبَبٌ لِأَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فِي الدَّابَّةِ عَرَفْنَا أَنَّ الْغَزْلَ سَبَبٌ لِأَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فِي الْمَغْزُولِ لِلَّذِي غَزَلَهُ وَفِي الشَّعْرِ إذَا كَانَ مِمَّا يُنْقَضُ وَيُغْزَلُ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ الْمِرْعِزَّى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَكَذَلِكَ فِي الْحُلِيِّ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يُصَاغُ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى خُطَّةِ الدَّارِ قَضَيْتُ بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْخُطَّةَ قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْفَتْحِ يَخُطُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَانِمِينَ خَطًّا فِي مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ يَمْلِكُهُ ذَلِكَ بِالْقِسْمَةِ فَيَكُونُ خَطُّهُ لَهُ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَرَّةٍ بِأَنْ يَرْتَدَّ أَهْلُهَا وَتَصِيرَ مَحْكُومَةً بِأَنَّهَا دَارُ الشِّرْكِ لِوُجُودِ شَرَائِطِهَا، ثُمَّ يَظْهَرُ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ ثَانِيَةً فَيَقْسِمُهَا الْإِمَامُ بِالْخَطِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>