مِنْهُمْ كَمَا بَيَّنَّا.
قَالَ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي صُوفٍ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ جَزَّهُ مِنْ غَنَمِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْجَزَّ لَا يَكُونُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ الْمِرْعِزَّى وَالْجَزُّ وَالشَّعْرُ فَكَانَ هَذَا فِي مَعْنَى النِّتَاجِ فَإِنْ (قِيلَ): كَيْفَ يَكُونُ الْجَزُّ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَهُوَ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِأَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الصُّوفَ، وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ الشَّاةِ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ فَكَانَ مَالًا ظَاهِرًا قَبْلَ الْجَزِّ.
(قُلْنَا) نَعَمْ، وَلَكِنْ كَانَ وَصْفًا لِلشَّاةِ، وَلَمْ يَكُنْ مَالًا مَقْصُودًا إلَّا بَعْدَ الْجَزِّ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْجَزِّ، وَإِنَّ مَا تَنَازَعَا فِيهِ مَالٌ مَقْصُودٌ قَالَ، وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَالنَّخْلُ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ نَخْلُهُ، وَأَرْضُهُ، وَأَنَّهُ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ فِيهَا، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ؟ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ الْكُرُومُ، وَالشَّجَرُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمُنَازَعَةِ فِي مِلْكِ الْأَرْضِ فَإِنَّ النَّخْلَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ لِلْأَرْضِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأَرْضِ مَعْنَى النِّتَاجِ؛ وَلِأَنَّ النَّخْلَ يُغْرَسُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَدْ يَغْرِسُ الثَّالِثَةَ إنْسَانٌ، ثُمَّ يَقْلَعُهَا غَيْرُهُ وَيَغْرِسُهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ.
وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْحِنْطَةِ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا حِنْطَةٌ زَرَعَهَا فِي أَرْضِهِ قَضَيْتُ بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَإِنَّ الْحِنْطَةَ قَدْ تُزْرَعُ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ يُغَرْبِلُ التُّرَابَ فَيُمَيِّزُ الْحِنْطَةَ، ثُمَّ تُزْرَعُ ثَانِيَةً فَلَمْ يَكُنْ هَذَا فِي مَعْنَى النِّتَاجِ
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالزَّرْعَ لَهُ، وَأَنَّهُ زَرَعَهَا يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمُنَازَعَةِ فِي مِلْكِ الْأَرْضِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا مَعْنَى النِّتَاجِ.
وَكَذَلِكَ قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ هُوَ مَعَ خَارِجِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ زَرْعُهُ فِي أَرْضِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الزَّرْعَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُزْرَعُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ قَالَ: وَهَذَا لَا يُشْبِهُ الصُّوفَ وَالْمِرْعِزَّى؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَزْرَعُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَيَكُونُ لِلزَّارِعِ، وَلَا يَسْتَحِقُّهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِخُرُوجِهِ مِنْ أَرْضِهِ، وَأَمَّا الصُّوفُ وَالْمِرْعِزَّى لَا يَكُونُ إلَّا لِصَاحِبِ الْغَنَمِ فَمِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الشَّاةِ الَّتِي فِي يَدِ ذِي الْيَدِ مَمْلُوكَةً لَهُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي جَزَّ مِنْهَا مَمْلُوكًا لَهُ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الزَّرْعِ فِي أَرْضٍ هِيَ مَمْلُوكَةٌ لِذِي الْيَدِ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ مَمْلُوكًا لَهُ؛ وَلِأَنَّ الْجَزَّ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَالزَّرْعُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ لِاحْتِمَالِ التَّكَرُّرِ فَلِهَذَا قَضَيْنَا بِهِ لِلْمُدَّعِي.
قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْقُطْنُ شَجَرًا ثَابِتًا فِي أَرْضٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَرْضُهُ، وَأَنَّهُ زَرَعَ هَذَا الْقُطْنَ فِيهَا، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمُنَازَعَةِ فِي الْأَرْضِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا مَعْنَى النِّتَاجِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمُنَازَعَةُ فِي دَارٍ، وَأَقَامَ كُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute