للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ بَنَاهَا بِمَالِهِ يَقْضِي بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ يَكُونُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهَا آخَرُ أَنَّهَا أَمَتُهُ، وَأَنَّهَا وُلِدَتْ عِنْدَهُ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ فِي يَدَيْهِ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ يُقْضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ فِي بَنِي آدَمَ كَالنِّتَاجِ فِي الْبَهَائِمِ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أُمِّهَا الَّتِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهَا أَمَتُهُ، وَأَنَّهَا وَلَدَتْ هَذِهِ فِي مِلْكِهِ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قَضَيْتُ بِهَا، وَبِأُمِّهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ أَصْلَ الدَّعْوَى فِي الْأُمِّ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا مَعْنَى النِّتَاجِ فَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِهَا لِلْمُدَّعِي، ثُمَّ الْوَلَدُ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأُمِّ، وَكَانَ مِنْ ضَرُورَةِ الْقَضَاءِ بِالْأُمِّ لِلْمُدَّعِي الْقَضَاءُ بِالْوَلَدِ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي صُوفٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ جَزَّهُ مِنْ شَاتِه هَذِهِ، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ شَاةٍ أُخْرَى فِي يَدِهِ قَضَيْتُ بِهَا لِذِي الْيَدِ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشَّاةِ أَنَّهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهَا شَاتُهُ، وَأَنَّهُ جَزَّ هَذَا الصُّوفَ فِي مِلْكِهِ مِنْهَا، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قَضَيْتُ بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِي أَصْلِ الشَّاةِ فَإِنَّمَا أَثْبَتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْبَيِّنَةِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ فِيهَا فَتَتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، ثُمَّ الصُّوفُ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ.

فَإِنْ (قِيلَ): قَدْ يَكُونُ الصُّوفُ وَالْوَلَدُ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْأَصْلِ بِأَنْ يُوصِيَ بِمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ لِلْإِنْسَانِ وَبِرَقَبَتِهَا لِآخَرَ أَوْ يُوصِيَ بِالشَّاةِ لِإِنْسَانٍ وَبِصُوفِهَا لِآخَرَ (قُلْنَا) لَا كَذَلِكَ فَالْوَلَدُ وَالصُّوفُ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَ غَيْرَهُ بِسَبَبٍ يُنْشِئُهُ مَالِكُ الْأَصْلِ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ

قَالَ عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ وَمِنْ عَبْدِهِ هَذَا، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ لِإِثْبَاتِهِ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ لِنَفْسِهِ فِيهِ فَيَكُونُ ابْنُ عَبْدِهِ، وَأَمَتِهِ دُونَ ابْنِ عَبْدِ الْآخَرِ، وَأَمَتِهِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ لَمَّا تَرَجَّحَتْ بِالْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ صَارَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى مَدْفُوعَةً لَا يُقْضَى بِهَا بِالنَّسَبِ كَمَا لَا يُقْضَى بِهَا بِالْمِلْكِ، وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ، وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ، وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ قُضِيَ بِهِ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمٌ فِي إثْبَاتِ نِتَاجِ بَائِعِهِ كَمَا هُوَ خَصْمٌ فِي إثْبَاتِ مِلْكِ بَائِعِهِ، وَلَوْ حَضَرَ الْبَائِعَانِ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ كَانَ ذُو الْيَدِ أَوْلَى فَهَذَا مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى نِتَاجِ بَائِعِهِ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ فِي مِلْكِهِ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى وِرَاثَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ مِنْ رَجُلٍ، وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِ ذَلِكَ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ جِهَةِ مُوَرِّثِهِ وَمُوصِيهِ فَيَكُونُ خَصْمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>