للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَكَذَلِكَ الْحَبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ وَالْفَرْوُ، وَكُلُّ مَا يُقْطَعُ مِنْ الثِّيَابِ وَالْبُسُطِ، وَالْأَنْمَاطِ وَالْوَسَائِدِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَكَرَّرُ، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ أَوْ الزَّعْفَرَانِ أَوْ الْوَرْسِ إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ، وَذُو الْيَدِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ لَهُ صَبْغَهُ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ يُصْبَغُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَقَدْ يُصْبَغُ عَلَى لَوْنٍ، ثُمَّ يُصْبَغُ عَلَى لَوْنٍ آخَرَ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَكَذَلِكَ أَوَانِي الصُّفْرِ، وَالْحَدِيدِ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُصْبَغُ إلَّا مَرَّةً فَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَكَذَلِكَ الْأَبْوَابُ، وَالسُّرَرُ وَالْكَرَاسِيُّ إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ يَجُرُّهُ فِي مِلْكِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً يُقْضَى بِهِ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ فَإِنْ كَانَ يَكُونُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَوْ لَا يُعْلَمُ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَعَلَى هَذَا الْخِفَافُ وَالنِّعَالُ، وَالْقَلَانِسُ.

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ دُهْنٍ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ عَصَرَهُ وَسَلَاهُ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَهُوَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَكَذَلِكَ السَّوِيقُ وَالْعَصِيرُ وَالْخَلُّ وَالْجُبْنُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّاةُ الْمَسْلُوقَةُ إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا شَاتُهُ ضَحَّى بِهَا، وَسَلَخَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ وَالسَّلْخَ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْمِلْكِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَمْلِكُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا فِي مَعْنَى النِّتَاجِ فِي إثْبَاتِ أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ بِهِ فَلِهَذَا قَضَيْنَا بِهِ لِلْمُدَّعِي

قَالَ: وَإِنْ أَقَامَ خَارِجَانِ الْبَيِّنَةَ دَعْوَى الدَّابَّةِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَالْآخَرُ عَلَى النِّتَاجِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِصَاحِبِ النِّتَاجِ لِإِثْبَاتِهِ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهَا لَا تُتَمَلَّكُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَالْآخَرُ لَا يَدَّعِي تَمَلُّكَهَا مِنْ جِهَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ عَنْ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - النَّاتِجُ أَحَقُّ مِنْ الْعَارِفِ يَعْنِي بِالْعَارِفِ الْخَارِجِ الَّذِي يَدَّعِي مِلْكًا مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي لَحْمٍ مَشْوِيٍّ أَوْ سَمَكَةٍ مَشْوِيَّةٍ، وَأَقَامَ الْخَارِجُ، وَذُو الْيَدِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ شَوَاهُ فِي مِلْكِهِ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الشَّيَّ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَإِنَّ اللَّحْمَ يُشْوَى، ثُمَّ يُعَادُ ثَانِيًا فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ.

وَكَذَلِكَ الْمُصْحَفُ إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُصْحَفُهُ كَتَبَهُ فِي مِلْكِهِ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِلْمِلْكِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَتَكَرَّرُ يُكْتَبُ، ثُمَّ يُمْحَى، ثُمَّ يُكْتَبُ فَلِهَذَا قَضَيْنَا بِهِ لِلْمُدَّعِي

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي أَمَةٍ فَأَقَامَ أَحَدُ الْخَارِجِينَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ، وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ، وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ سُرِقَتْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شُهُودُ السَّرِقَةِ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَبَقَتْ مِنْهُ أَوْ غَصَبَهَا إيَّاهُ ذُو الْيَدِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ فِي بَيِّنَتِهِ إثْبَاتَ أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ، وَلَيْسَ فِي الْبَيِّنَةِ الْأُخْرَى ذَلِكَ فَكَانَ اسْتِحْقَاقُهُ سَابِقًا، وَكَذَلِكَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>