للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي صُنِعَ مِنْهُ هَذَا الْجُبْنُ مِلْكُهُ فَيُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمُنَازَعَةِ فِي اللَّبَنِ وَبَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ قَامَتْ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُقِيمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنْ حَلْبَ اللَّبَنِ الَّذِي صَنَعَ مِنْهُ هَذَا الْجُبْنَ مِنْ شَاتِهِ فِي مِلْكِهِ فَيُقْضَى لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْحَلْبَ فِي اللَّبَنِ لَا يَتَكَرَّرُ فَكَانَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ.

وَالرَّابِعُ: إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي حَلَبَ مِنْهَا اللَّبَنَ الَّذِي صَنَعَ مِنْهُ هَذَا الْجُبْنَ مِلْكُهُ فَيُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ فِي مِلْكِ الشَّاةِ، وَبَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا قَامَتْ عَلَى الْمُطْلَقِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يُقِيمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي حَلَبَ مِنْهَا اللَّبَنَ الَّذِي صَنَعَ مِنْهُ هَذَا الْجُبْنَ شَاتُهُ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ مِنْ شَاتِهِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْحُجَّتَيْنِ قَامَتَا عَلَى النِّتَاجِ فِي الشَّاةِ الَّتِي كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِيهَا

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي آجُرٍّ أَوْ جِصٍّ أَوْ نَوْرَةٍ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ صَنَعَهُ فِي مِلْكِهِ قَضَيْتُ بِهِ لِذِي الْيَدِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِالْآجُرِّ لِلْخَارِجِ، وَيُجْعَلَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ فِي اللَّحْمِ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: طَبْخُ الْآجُرِّ لَا يَتَكَرَّرُ فَإِنَّهُ بِالطَّبْخِ الْأَوَّلِ يَحْدُثُ لَهُ اسْمُ الْآجُرِّ فَإِنْ أُعِيدَ طَبْخُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْدُثُ بِهِ اسْمٌ آخَرُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ، وَكَذَلِكَ طَبْخُ الْجِصِّ وَالنُّورَةِ فَكَانَ هَذَا فِي مَعْنَى النِّتَاجِ

قَالَ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي جِلْدِ شَاةٍ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ جِلْدُهُ سَلَخَهُ فِي مِلْكِهِ قُضِيَ بِهِ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ سَلْخَ الْجِلْدِ لَا يَتَكَرَّرُ فَكَانَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَهُمَا، وَلَكِنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ جِلْدُ شَاتِه، وَلَمْ يَشْهَدُوا لَهُ بِهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِالْمِلْكِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا عَلَى صُوفٍ أَنَّهُ صُوفُ شَاتِه أَوْ عَلَى لَحْمٍ أَنَّهُ لَحْمُ شَاتِه قَالَ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا غَلَطٌ، وَأَرَى جَوَابَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْفُصُولِ لَا يَسْتَمِرُّ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ قَالَ قَبْلَ هَذَا إذَا قَالُوا هَذِهِ الْحِنْطَةُ مِنْ زَرْعِ هَذَا أَوْ هَذَا الزَّبِيبُ مِنْ كَرْمِهِ أَوْ هَذَا التَّمْرُ مِنْ نَخْلِهِ قُضِيَ لَهُ بِهِ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ تِلْكَ الْمَسَائِلِ، وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَلْ الْجِلْدُ وَالصُّوفُ وَاللَّحْمُ فِي كَوْنِهِ مَمْلُوكًا بِمِلْكِ الْأَصْلِ أَبْلَغُ مِنْ مِلْكِ الزَّرْعِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ بِمِلْكِ الْأَصْلِ، فَإِنْ (قِيلَ): إنَّ هُنَا قَدْ يَنْفَصِلُ مِلْكُ الصُّوفِ عَنْ مِلْكِ الْأَصْلِ بِالْوَصِيَّةِ فَكَذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ، وَلَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُمْ مَا جَعَلُوا الْمُدَّعَى هُنَا فِي شَهَادَتِهِمْ مِنْ مِلْكِهِ إنَّمَا نَسَبُوهُ إلَى شَاةٍ، ثُمَّ نَسَبُوا إلَيْهِ الشَّاةَ بِالْمِلْكِيَّةِ فَلَمْ يَكُنْ شَهَادَةً بِالْمِلْكِ فِي الْمُدَّعَى نَصًّا فَأَمَّا هُنَاكَ شَهِدُوا أَنَّ الْمُدَّعَاةَ مِنْ مِلْكِهِ وَذَلِكَ شَهَادَةٌ بِالْمِلْكِ لَهُ فِي الْمُدَّعَى نَصًّا.

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ شَاةٌ مَسْلُوخَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَجِلْدُهَا وَرَأْسُهَا وَسَقَطُهَا فِي يَدِ آخَرَ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ فِي الشَّاةِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشَّاةَ وَالْجِلْدَ وَالرَّأْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>