للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِلْكِهِ، وَلَا يَدْرِي أَنَّهَا تَضَعُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمْ لَا فَلَعَلَّهَا تُسْقِطُ سِقْطًا غَيْرَ مُسْتَبِينِ الْخَلْقِ أَوْ تَضَعَ الْوَلَدَ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلِهَذَا لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ فَإِنْ جَاءَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ الْآنَ تَصِحُّ تِلْكَ الدَّعْوَةُ كَمَا لَوْ أَنْشَأَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ حَصَلَ فِي مِلْكِهِ فَلَوْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ، وَقَالَ: أَصْلُ الْحَبَلِ كَانَ عِنْدِي، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ يَكُنْ عِنْدَك إنَّمَا كَانَ الْعُلُوقُ قَبْلَ شِرَائِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى اتِّصَالِ الْعُلُوقِ بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْبَائِعِ؛ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي تَارِيخًا سَابِقًا فِي الْعُلُوقِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ تَارِيخًا سَابِقًا فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعُلُوقِ وَمِلْكُهُ حَقُّهُ فَبَيِّنَتُهُ عَلَى سَبْقِ التَّارِيخِ فِيهِ مَقْبُولَةٌ، وَلَا شَكَّ فِي هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَوْلُهُ هَكَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.

وَأَصْلُ هَذَا فِيمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا مِنْك مُنْذُ سَنَةٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ إنَّمَا بِعْتهَا مِنْك مُنْذُ شَهْرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي زِيَادَةَ تَارِيخٍ فِي شِرَائِهِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِحُجَّةٍ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ بِبَيِّنَتِهِ حُصُولَ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَثُبُوتَ حَقِّ اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ لَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ التَّارِيخِ فِي شِرَائِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَثْبُتُ بِبَيِّنَتِهِ أَنَّ شِرَاءَهُ كَانَ مُنْذُ سَنَةٍ، وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ دَعْوَةِ الْبَائِعِ لِهَذَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ

قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ بِنْتًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ وَلَدَتْ ابْنَتَهَا ابْنًا فَأَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الِابْنَ، ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الِابْنَةَ فَهِيَ ابْنَتُهُ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ بِهَا كَانَ فِي مِلْكِهِ، وَدَعْوَتَهُ فِيهَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ وَيُثْبِتُ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ فِيهَا.

وَمِنْ ضَرُورَتِهِ إبْطَالُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي عَلَى ابْنِهَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَطْرَأُ عَلَى الرِّقِّ وَمِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهَا حُرَّةَ الْأَصْلِ أَنْ يَنْفَصِلَ الْوَلَدُ مِنْهَا حُرًّا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الِابْنَةُ وَلَدَتْ ابْنَتَانِ قَالَ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ رَجُلًا لَوْ وَلَدَتْ جَارِيَتُهُ عِنْدَهُ غُلَامًا، ثُمَّ وُلِدَ لِلْغُلَامِ ابْنٌ فَبَاعَ الْمَوْلَى ابْنَ الْوَلَدِ الَّذِي وُلِدَ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ ادَّعَى الْوَلَدَ الَّذِي كَانَ الْعُلُوقُ بِهِ فِي مِلْكِهِ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَبْطُلُ بَيْعُ الِابْنِ وَعِتْقُ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِصِحَّةِ دَعْوَتِهِ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ لِلْأَبِ وَذَلِكَ يُوجِبُ حُرِّيَّةَ الِابْنِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ مَوْلُودٌ مِنْ أَمَةٍ كَانَتْ لِمُدَّعِي الْأَبِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ ابْنِ ابْنِهِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ وَبَطَلَ بِهِ بَيْعُ الْمُشْتَرِي وَعِتْقُهُ قَالَ: وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ التَّوْأَمِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ التَّوْأَمَيْنِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ التَّوْأَمُ أَفْصَحُ كَمَا يُقَالُ هُمَا زَوْجٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>