للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَبُرَ الصَّبِيُّ فَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهَا، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ قَضَى الْقَاضِي بِنَسَبِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الِابْنَ يَدَّعِي مَا هُوَ مِنْ حَقِّهِ فَإِنَّ نَسَبَهُ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا إلَى أَبِيهِ فَإِذَا كَانَ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ أُمِّهِ يَكُونُ كَرِيمَ الطَّرَفَيْنِ، وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ مَا يُنَاقِضُ وَيَمْنَعُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَوَجَبَ قَبُولُ بَيِّنَتِهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ جَاحِدَةً أَصْلًا قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الِابْنِ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُنَاقِضَةً فِي قَوْلِهَا.

وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ صَبِيًّا فِي يَدِ امْرَأَةٍ أَنَّهُ ابْنُهُ وَهِيَ تُنْكِرُ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ فَلَمْ يَقْبَلْ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ، ثُمَّ إنَّ الشَّاهِدَ ادَّعَى الصَّبِيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ امْرَأَتُهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ بِشَهَادَتِهِ صَارَ مُخْرِجًا نَفْسَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَلَوْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ، وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي مَا هُوَ مِنْ حَقِّهَا فَإِنَّ فِي ثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدِهَا مِنْ رَجُلٍ دَفْعَ تُهْمَةِ الزِّنَا عَنْهَا حَتَّى تَكُونَ مُحْصَنَةً، وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مَا يَمْنَعُهَا مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَوَجَبَ قَبُولُ بَيِّنَتِهَا عَلَيْهِ

قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ صَبِيًّا فِي يَدِ امْرَأَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: هُوَ ابْنِي مِنْهَا بِنِكَاحٍ وَهِيَ تُنْكِرُ، ثُمَّ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَهَذَا الصَّبِيُّ لَهَا مِنْهُ وَشَهِدَ لَهَا بِذَلِكَ الرَّجُلَانِ الْمُدَّعِيَانِ لِلصَّبِيِّ لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَتَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا بِالدَّعْوَى الْأُولَى صَارَا مُنَاقِضَيْنِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَتَأْثِيرُ التَّنَاقُضِ فِي الشَّهَادَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الدَّعْوَى فَإِذَا كَانَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ التَّنَاقُضِ يَمْنَعُهُ الدَّعْوَى فَلَأَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الشَّهَادَةِ كَانَ أَوْلَى.

وَكَذَلِكَ صَبِيٌّ فِي يَدِ امْرَأَةٍ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ، ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَآخَرُ أَنَّهُ ابْنُ رَجُلٍ آخَرَ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لِكَوْنِهِ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ مُتَنَاقِضًا فِيهَا

قَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ أُمَّتَهُ حُبْلَى مِنْ رَجُلٍ قَدْ مَاتَ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِنْهُ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَتَقَ لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِوُجُودِهِ فِي بَطْنِ الْأُمِّ حِينَ أَقَرَّ بِنَسَبِهِ لِغَيْرِهِ وَثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ، وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَالْإِقْرَارُ بِهِ حَالَ كَوْنِهِ مَوْجُودًا فِي الْبَطْنِ وَالْإِقْرَارُ بِهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ سَوَاءٌ فَلَا تُسْمَعُ مِنْهُ الدَّعْوَى لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ.

وَهَذِهِ هِيَ الْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً حَامِلًا إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَحَرَّزَ عَنْ دَعْوَى الْبَائِعِ بِأَمْرِهِ بِأَنْ يُقِرَّ أَنَّ الْحَبَلَ بِهَا مِنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا الْمُشْتَرِي فَإِذَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا يَبْطُلُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي فِيهَا وَلَا فِي وَلَدِهَا.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْحَبَلَ بِهَا مِنْ زَوْجٍ، ثُمَّ مَكَثَ سَنَةً، ثُمَّ قَالَ هِيَ حَامِلٌ مِنِّي فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِقْرَارِ الْآخَرِ فَهُوَ ابْنُ الْمَوْلَى ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ دَعْوَى نَسَبِهِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الْبَطْنِ عِنْدَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ مِنْ عُلُوقٍ حَادِثٍ.

فَإِنْ (قِيلَ) هُوَ مَالِكٌ لِأُمِّ الْوَلَدِ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهَا مَنْكُوحَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>