الْغَيْرِ وَفِرَاشُ النِّكَاحِ لِلْغَيْرِ عَلَيْهَا يَمْنَعُ الْمَوْلَى مِنْ دَعْوَى نَسَبِهَا (قُلْنَا) ذَلِكَ الْإِقْرَارُ لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِنِكَاحِ الْغَيْرِ عِنْدَ الْعُلُوقِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ بَقَاءَ مَا عُرِفَ ثُبُوتُهُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ الْمُزِيلِ لَا لِوُجُودِ الدَّلِيلِ الْمَنْفِيِّ، وَدَعْوَاهُ نَسَبَ الْوَلَدِ الثَّانِي تَنْصِيصٌ مِنْهُ عَلَى كَوْنِهَا فِرَاشٌ لَهُ حِينَ عَلِقَتْ بِالثَّانِي فَهَذَا دَلِيلٌ مُوجِبٌ لِفِرَاشِهِ فَلَا يُعَارِضُهُ مَا كَانَ ثَابِتًا لِعَدَمِ الدَّلِيلِ الْمُزِيلِ حَتَّى يَكُونَ دَافِعًا لَهُ
قَالَ: رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ إنْ كَانَ حَمْلُهَا غُلَامًا فَهُوَ مِنِّي، وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَهُوَ مِنْ زَوْجٍ زَوَّجْتُهَا إيَّاهُ أَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَلَيْسَتْ مِنِّي فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُمَا وَلَدَاهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَشْتَمِلُ عَلَى شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا مُعْتَبَرٌ، وَالْآخَرُ لَغْوٌ فَالْمُعْتَبَرُ دَعْوَاهُ نَسَبَ مَا فِي بَطْنِهَا وَاللَّغْوُ التَّقْسِيمُ فِيمَا بَيْنَ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ نَفْيًا، وَإِثْبَاتًا فَإِنَّ هَذَا رَجْمٌ بِالْغَيْبِ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَاعْتُبِرَ مِنْ كَلَامِهِ مَا أَمْكَنَ اعْتِبَارُهُ، وَقَدْ تَيَقَّنَّا بِوُجُودِهِمَا فِي الْبَطْنِ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِهِمَا وَهُمَا تَوْأَمٌ فَدَعْوَاهُ نَسَبَ أَحَدِهِمَا كَدَعْوَاهُ نَسَبَهُمَا فَلِذَا قَضَى بِأَنَّهُمَا وَلَدَاهُ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَوَّجَ أُمَّتَهُ رَجُلًا غَائِبًا، وَهُوَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ قَوْلِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالنِّكَاحِ بِزَوْجٍ مَعْرُوفٍ إقْرَارٌ صَحِيحٌ فَيَثْبُتُ بِهِ نِكَاحُ الْغَائِبِ فِي حَقِّهِ فَدَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي إبْطَالِ حَقِّ ذَلِكَ الْغَائِبِ غَيْرُ مَسْمُوعٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إقْرَارِهِ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ لِلْمَجْهُولِ.
وَالْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ وَلَيْسَ فِي دَعْوَاهُ نَسَبَ وَلَدٍ عَلِقَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي إبْطَالِ حَقٍّ ثَابِتٍ لِغَيْرِهِ فَلِهَذَا أَثْبَتْنَا النَّسَبَ مِنْهُ.
قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَلَدُ مُكَاتَبِهِ مِنْ زَوْجٍ، ثُمَّ ادَّعَى هُوَ نِسْبَتَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ دَعْوَى نَسَبِ هَذَا الْوَلَدِ، وَلَكِنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ مُكَاتَبٌ مَعَ أُمِّهِ فَكَانَ مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى كَالْأَمَةِ حَتَّى يَمْلِكَ إعْتَاقَهُ فَكَذَلِكَ يَمْلِكُ إقْرَارَهُ فِيهِ بِمَا يُوجِبُ الْحُرِّيَّةَ، وَلَا يَضْمَنُ لِلْمُكَاتَبَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بَعْضُ مَقْصُودِهَا فَإِنَّهَا إنَّمَا تَسْعَى لِتَحْصِيلِ الْحُرِّيَّةِ لِنَفْسِهَا؛ وَلِأَوْلَادِهَا، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِيمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ فَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ ابْنُ الْآخَرِ، ثُمَّ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ ابْنٌ لِشَرِيكِهِ وَذَلِكَ يُخْرِجُهُ مِنْ دَعْوَى نَسَبِهِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ عَتَقَ الْوَلَدُ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى حُرِّيَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَ ابْنَهَا لِهَذَا أَوْ لِذَاكَ وَصَارَتْ الْأُمُّ بِمَنْزِلِهِ أُمِّ الْوَلَدِ مَوْقُوفَةً لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى ثُبُوتِ حَقِّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لَهَا وَنَفْيِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ فَأَيُّهُمَا مَاتَ عَتَقَتْ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْمَيِّتِ، وَقَدْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ وَالْمَيِّتُ كَانَ مُقِرًّا بِنُفُوذِ إقْرَارِ الْحَيِّ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ فَلِهَذَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا
قَالَ رَجُلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute