للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا لِصَاحِبِهِ فَغَيْرُ مُشْكِلٍ؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ بِأَنَّ الْوَطْءَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَصَلَ فِي مِلْكِ شَرِيكِهِ، وَأَمَّا لِغَيْرِهِ؛ فَلِأَنَّ وُجُوبَ الْعُقْرِ عَلَى مَنْ كَانَ مِلْكُهُ فِيهَا ثَابِتًا وَقْتَ الْعُلُوقِ لِبَائِعِ شَرِيكِهِ.

وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ مِنْهُمَا مَجْهُولٌ وَالْمَالُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَجْهُولِ. قَالَ أَمَةٌ لِذِمِّيٍّ بَاعَ نِصْفَهَا مِنْ مُسْلِمٍ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُ الذِّمِّيِّ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ نِصْفَهَا لَا يَكُونُ أَعْلَى مِنْ بَيْعِهِ جَمِيعَهَا وَهُوَ أَوْلَى بِالدَّعْوَةِ بَعْدَ بَيْعِ الْجَمِيعِ لِتَيَقُّنِنَا بِحُصُولِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ فَبَعْدَ بَيْعِ النِّصْفِ أَوْلَى.

قَالَ: أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ الرَّجُلُ، وَأَبُو الْمَرْأَةِ فَإِنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نِصْفَهَا حَقِيقَةً، وَأَبُو الْمَرْأَةِ لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقِيقَةُ مِلْكٍ، وَلَا حَقَّ مِلْكٍ إنَّمَا لَهُ مُجَرَّدُ التَّأْوِيلِ وَالتَّأْوِيلُ لَا يُعَارِضُ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ؛ وَلِأَنَّ صِحَّةَ دَعْوَةِ أَبِي الْمَرْأَةِ بِاعْتِبَارِ تَمَلُّكِ نَصِيبِ وَلَدِهِ عَلَيْهَا مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ وَذَلِكَ مُتَعَذَّرٌ لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ مِنْ الشَّرِيكِ فِيهَا مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَدَعْوَةُ الشَّرِيكِ دَعْوَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ تَقْدِيمِ الْمِلْكِ فَكَانَ هُوَ أَوْلَى.

قَالَ: أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَهُوَ ابْنُهُ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ وَفِي هَذَا الْمُنْفَصِلُ مَيِّتًا وَالْمُنْفَصِلُ حَيًّا سَوَاءٌ، وَالْوَلَدُ الْمَيِّتُ كَالْحَيِّ فِي أَنَّ الْجَارِيَةَ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَكَذَلِكَ لَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ؛ وَلِمِثْلِهِ حُكْمُ الْوَلَدِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِهِ وَالْمَرْأَةُ تَصِيرُ بِهِ نُفَسَاءَ فَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلٍ وَابْنِهِ فَوَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُ الْأَبِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُ نِصْفَهَا حَقِيقَةً، وَصِحَّةُ الدَّعْوَةِ هُنَا بِاعْتِبَارِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ وَالْحَقُّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي مُعَارَضَةِ الْحَقِيقَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا لِلِابْنِ فَادَّعَيَا الْوَلَدَ كَانَ دَعْوَةُ الِابْنِ أَوْلَى مِنْ دَعْوَةِ الْأَبِ.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ جَانِبَ الْأَبِ يَتَرَجَّحُ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي نِصْفِهَا حَقِيقَةَ الْمِلْكِ، وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ حَقَّ التَّمَلُّكِ عَلَى وَلَدِهِ بِالِاسْتِيلَادِ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ فِي نَصِيبِ الْأَبِ مِلْكٌ، وَلَا حَقُّ مِلْكٍ، وَلَا تَأْوِيلُ مِلْكٍ فَكَانَ جَانِبُ الْأَبِ أَرْجَحَ وَالتَّرْجِيحُ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ يَحْصُلُ بِمَا لَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ ابْتِدَاءً كَالْأَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْآخَرُ لِأَبٍ تَرَجَّحَ الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ فِي الْعُصُوبَةِ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَهِيَ لَيْسَتْ بِعِلَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْعُصُوبَةِ فَإِذَا صَحَّتْ دَعْوَةُ الْأَبِ، وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَنِصْفَ عُقْرِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْكُلُّ لِلِابْنِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ تَمَلُّكَ الْأَبِ نَصِيبَ الِابْنِ هُنَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ لَا شَرْطُهُ فَإِنَّ قِيَامَ الْمِلْكِ لَهُ فِي النِّصْفِ كَافٍ لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ فَلِهَذَا غَرِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>