نِصْفَ عُقْرِهَا وَضَمِنَ الِابْنُ نِصْفَ الْعُقْرِ لِابْنِهِ أَيْضًا لِإِقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا فَكَانَ نِصْفُ الْعُقْرِ بِنِصْفِ الْعُقْرِ قِصَاصًا، وَالْجَدُّ أَبُ الْأَبِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فَأَمَّا الْأَخُ وَالْعَمُّ وَالْأَجْنَبِيُّ فَهُمْ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَعْضِ هُنَا تَأْوِيلُ الْمِلْكِ فِي مَالِ الْبَعْضِ، وَلَا حَقَّ التَّمَلُّكِ بِالِاسْتِيلَادِ.
قَالَ: وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ مُسْلِمًا فَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ مُسْلِمٌ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَشُرَيْحٍ وَإِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ اعْتِبَارَ جَانِبِهِ يُوجِبُ إسْلَامَ الْوَلَدِ وَاعْتِبَارَ جَانِبِ الذِّمِّيِّ يُوجِبُ كُفْرَهُ فَيَتَرَجَّحُ مُوجِبُ الْإِسْلَامِ تَوْفِيرًا لِمَنْفَعَةِ الْوَلَدِ وَعَمَلًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِسْلَامُ يَعْلُو، وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ»
قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُهُمَا فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُمَا، وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا إلَّا بِالدَّعْوَةِ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِي رَقَبَتِهَا تَمْنَعُ الْفِرَاشَ الْمُثْبِتَ لِلنَّسَبِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا فَإِنَّ ثُبُوتَ نَسَبِ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ مَوْلَاهَا لِتَحْسِينِ الظَّنِّ بِهَا حَتَّى لَا تَكُونَ مُقَدَّمَةً عَلَى التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِ حَرَامٍ، وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا فَإِنَّ وَطْأَهَا غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِوَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا، وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ أَحَدُهُمَا فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ بِالدَّعْوَةِ لِقِيَامِ الْمِلْكِ فِي نِصْفِهَا وَنِصْفِ وَلَدِهَا وَيَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ عُقْرِهَا، وَلَا يَغْرَمُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِهِمَا يَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْوَلَدُ لِلشَّرِيكِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ فَدَعْوَةُ أَحَدِهِمَا لِلْوَلَدِ كَإِعْتَاقِهِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَسْعَى لَهُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ فِي الْوَلَدِ لَمَّا صَارَ الْمُدَّعَى نَسَبُهُ كَالْمُعْتِقِ لَهُ جَارِيَةٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُ الْمُسْلِمِ عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ ابْنُهُمَا، وَلَكِنْ يَكُونُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ صِحَّةَ دَعْوَاهُمَا بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ وَهُمَا فِي الْمِلْكِ يَسْتَوِيَانِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ يُوجِبُ إسْلَامَهُ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ النَّسَبُ ثَابِتًا مِنْهُمَا كَالْمَوْلُودِ بَيْنَ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ.
وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ أَنْفَعُ لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ النَّسَبُ وَالْإِسْلَامُ وَعِنْدَ تَعَارُضِ الدَّعْوَةِ يَتَرَجَّحُ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ لِمَنْفَعَةِ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ يَتَرَجَّحُ بِهِ فَكَذَلِكَ هُنَا
قَالَ: وَإِذَا الْتَقَطَ الرَّجُلُ لَقِيطًا فَادَّعَاهُ عَبْدٌ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ هَذِهِ الْأَمَةِ، وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى، وَقَالَ هُوَ عَبْدِي ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا، وَكَانَ عَبْدًا لِلْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا، وَكَانَ حُرًّا، أَمَّا ثُبُوتُ النَّسَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute