للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاهِدَيْنِ ذِمِّيَّيْنِ فَإِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَجْعَلَهُ ابْنَهُ، وَأَجْعَلَهُ مُسْلِمًا، وَإِذَا وُجِدَ فِي بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ وَهُوَ قَوْلُهُ، وَأَجْعَلُهُ مُسْلِمًا ذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالْحَاكِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ صَحَّحَ رِوَايَةَ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ الْحَاكِمُ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَ مُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَأَمَّا مَعَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ فِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّا إذَا حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِاعْتِبَارِ التَّبَعِيَّةِ لِلْوَاجِدِ وَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عَلَى الْوَاجِدِ، وَلَا عَلَى مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلْوَاجِدِ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَلِهَذَا جَعَلْنَاهُ مُسْلِمًا، وَإِنْ أَثْبَتْنَا نَسَبَهُ مِنْ الذِّمِّيِّ قَالَ: وَإِذَا وَجَدْتُهُ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ جَعَلْتُهُ حُرًّا مُسْلِمًا، وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَيْهِ يُرِيدُ بِهِ فِي حَقِّ الدِّينِ فَأَمَّا فِي حَقِّ النَّسَبِ فَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ الذِّمِّيِّ كَمَا بَيَّنَّا.

وَإِنْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَيْتُ بِهِ لِلَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ؛ لِأَنَّ فِي بَيِّنَتِهِ إثْبَاتَ نَسَبِهِ وَحُرِّيَّتِهِ، وَفِي بَيِّنَةِ الْآخَرِ إثْبَاتَ رِقِّهِ فَتَتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ لِمَنْفَعَةِ الصَّبِيِّ فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ الْحُرَّةِ، وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ قَضَيْتُ بِهِ أَنَّهُ ابْنُ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلُودَ مِنْ الْأَمَةِ بِالنِّكَاحِ يَكُونُ رَقِيقًا فَتَتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُثْبِتِ لِلْحُرِّيَّةِ.

وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ وَوَقَّتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتًا فَإِنْ عُرِفَ أَنَّ الصَّبِيَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَهُوَ لِصَاحِبِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِظُهُورِ عَلَامَةِ الصِّدْقِ فِي شُهُودِهِ بِاعْتِبَارِ سِنِّ الصَّبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ عَلَى أَيِّ الْوَقْتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْضَى بِهِ لِأَسْبَقِ الْوَقْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْوُقُوفُ عَلَى سِنِّ الصَّغِيرِ لِيُعْرَفَ بِهِ الصَّادِقُ مِنْ الْكَاذِبِ بَقِيَتْ الْعِبْرَةُ لِلتَّارِيخِ فَصَاحِبُ أَسْبَقِ التَّارِيخَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ فِي، وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ الْآخَرُ فِيهِ وَبَعْدَ مَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَالنَّسَبُ لَا يَسْبِقُ وَقْتَ الْعُلُوقِ فَلَا فَائِدَةَ فِي اعْتِبَارِ سَبْقِ التَّارِيخِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَصَارَ كَأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يُوَقِّتُوا شَيْئًا فَيُقْضَى بِهِ لِلرَّجُلَيْنِ هَكَذَا ذَكَرَ هَذَا الْخِلَافَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ جَعَلْته ابْنَهُمَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنَّمَا أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ ابْنَ الْمَرْأَتَيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَبَقَ؛ قَالَ: وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهَا ابْنَتُهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَنْ اللَّقِيطُ خُنْثَى فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ الرِّجَالِ حُكِمَ بِأَنَّهُ ابْنٌ فَيُثْبِتُ نَسَبَهُ مَنْ أَثْبَتَ بُنُوَّتَهُ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ النِّسَاءِ يَثْبُتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>