للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّسَبُ مِنْ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْهُمَا فَالْعِبْرَةُ لِأَسْبَقِهِمَا خُرُوجًا، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُمَا جَمِيعًا مَعًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْعِبْرَةُ لِأَكْثَرِهِمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا عِبْرَةَ لِكَثْرَةِ الْبَوْلِ وَقِلَّتِهِ فَيَكُونُ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَجَّحُ جَانِبُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِإِصَابَةِ الْعَلَامَةِ فَاسْتَوَيَا قَالَ فَإِنْ ادَّعَى اللَّقِيطَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَضَيْتُ بِهِ لِلْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ فِي بَيِّنَتِهِ إثْبَاتَ إسْلَامِ الْوَلَدِ، وَهُوَ مَنْفَعَةٌ فِي حَقِّهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ شُهُودُ الْمُسْلِمِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَشُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ عَلَى صَاحِبِهِ فَيَتَرَجَّحُ مَا كَانَ مُوجِبًا إسْلَامَ الْوَلَدِ.

قَالَ: وَإِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَى سَنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِرِدَّةِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ عَلَيْهَا فَإِذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فِي مُدَّةٍ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْعُلُوقَ حَصَلَ فِي حَالِ النِّكَاحِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالطَّلَاقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا بَقِيَتْ فِي دَارِنَا فَهِيَ مُؤَاخَذَةٌ بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ إلَّا أَنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا لَا يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ، وَامْرَأَتَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْمِيرَاثُ، وَلَا يَثْبُتُ الْمِيرَاثُ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَعِنْدَهُمَا شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ كَافِيَةٌ، وَأَصْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَبَلٌ ظَاهِرٌ، وَلَا فِرَاشٌ قَائِمٌ، وَلَا إقْرَارَ مِنْ الزَّوْجِ بِالْحَبَلِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ الْمُرْتَدُّ اللَّاحِقُ بِدَارِ الْحَرْبِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ هُنَا فَإِنَّ لُحُوقَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ مَوْتٌ حُكْمِيٌّ تَعْتِقُ بِهِ أُمُّ الْوَلَدِ عِنْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَالْجَوَابُ فِيهِ وَفِي وَلَدِ الْمَنْكُوحَةِ سَوَاءٌ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ اللَّاحِقَةَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ يَوْمِ ارْتَدَّتْ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا عِنْدَ التَّيَقُّنِ بِحُصُولِ الْعُلُوقِ فِي حَالَةِ النِّكَاحِ كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ وَهَذَا لِأَنَّهَا صَارَتْ حَرْبِيَّةً فَلَا تُؤَاخَذُ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَمَا لَا يَكُونُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْحَرْبِيَّةِ عِصْمَةُ النِّكَاحِ فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا عِصْمَةُ الْعِدَّةِ

قَالَ: وَلَوْ أَسْلَمَتْ امْرَأَةُ الْحَرْبِيِّ فَدَخَلَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَلْزَمْ الْحَرْبِيَّ وَلَدُهَا إلَّا بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ إلَى سَنَتَيْنِ وَهِيَ فَرْعُ مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ أَنَّ الْمُهَاجِرَةَ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ الْعِدَّةُ، وَإِنْ سُبِيَتْ الْمُرْتَدَّةُ وَهِيَ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ سُبِيَتْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ لِتَيَقُّنِنَا بِحُصُولِ الْعُلُوقِ قَبْلَ السَّبْيِ، وَالتَّقْدِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>