للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ السَّبْيَ كَمَا يُبْطِلُ عِصْمَةَ النِّكَاحِ يُبْطِلُ الْعِدَّةَ، وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْهَا، وَهِيَ صَارَتْ رَقِيقَةً بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا بِالسَّبْيِ فَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الَّذِي فِي بَطْنِهَا عِنْدَنَا

قَالَ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمَةً أَوْ تَزَوَّجَتْ الْمُرْتَدَّةُ مُسْلِمًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الدُّخُولُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ أَوْ أَقْوَى وَيَرِثُهُمَا هَذَا الْوَلَدُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْلُودِ قَبْلَ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا، وَالْمُرْتَدُّ يَرِثُهُ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ؛ وَهَذَا لِأَنَّ ابْتِدَاءَ سَبَبِ التَّوْرِيثِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الرِّدَّةُ فَتَمَامُهُ يَكُونُ بِالْمَوْتِ فَيُجْعَلُ الْحَادِثُ بَعْدَ انْعِقَادِ السَّبَبِ لِإِتْمَامِهِ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّبَبِ اعْتِبَارًا بِوَلَدِ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُجْعَلُ كَالْمَوْلُودِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فِي انْقِسَامِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ

قَالَ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ كِتَابِيَّةً فَوَلَدَتْ لَا يَرِثُ الْوَلَدُ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ غَيْرُ مَحْكُومٍ بِإِسْلَامِهِ فَإِنَّ وَاحِدًا مِنْ أَبَوَيْهِ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ، وَكَوْنُهُ فِي يَدِ الْأَبَوَيْنِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ فِي حَقِّهِ كَالصَّغِيرِ إذَا سُبِيَ مَعَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَالْمُرْتَدُّ إنَّمَا يَرِثُهُ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ وَالْكِتَابِيَّةُ لَا يَرِثُهَا الْمُرْتَدُّ، وَهَذَا الْوَلَدُ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ فَيُجْعَلُ الْوَلَدُ تَبَعًا لَهُ.

وَكَذَلِكَ إنْ وَلَدَتْ أَمَةُ الْمُرْتَدِّ مِنْهُ، وَهِيَ مُرْتَدَّةٌ أَوْ كِتَابِيَّةٌ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ، وَإِنْ ثَبَتَ مِنْهُ بِالدَّعْوَةِ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ لِهَذَا الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَرِثَ الْوَلَدُ أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعٌ لَهَا

قَالَ: رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَةً، وَأُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَأَقَرَّتْ الْوَرَثَةُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَدْ وَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ مِنْ الْمَيِّتِ أُثْبِتَ نَسَبُهُ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْوَرَثَةُ ابْنَتُهُ أَوْ إخْوَتُهُ أَوْ ابْنًا، وَابْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا بِهَذَا النَّسَبِ فِي حَالَةِ الْحَيَاة عَلَيْهِ كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ حُجَّةً تَامَّةً فَإِذَا أَقَرُّوا بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ يَكُونُ قَوْلُهُمْ أَيْضًا حُجَّةً تَامَّةً فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ إلَّا أَنَّ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ هُنَاكَ خَصْمٌ جَاحِدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ خَصْمٌ جَاحِدٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ؛ وَلِأَنَّ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ كَلَامُهُ إلْزَامٌ لِلْغَيْرِ وَالْمَلْزُومُ لِلْغَيْرِ شَرْعًا الشَّهَادَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فِيهِ فَأَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ كَلَامُهُ إلْزَامٌ لِلْغَيْرِ مِنْ وَجْهٍ وَالْتِزَامٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يُشَارِكُهُمْ فِي الْمِيرَاثِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُمْ وَمَا أَخَذَ شَبَهًا مِنْ أَصْلَيْنِ تَوَفَّرَ حَظُّهُ عَلَيْهِمَا فَلِشَبَهِهِ بِالْإِلْزَامِ شَرَطْنَا الْعَدَدَ فِيهِ حَتَّى لَا يَثْبُتَ النَّسَبُ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ الْوَاحِدِ؛ وَلِشَبَهِهِ بِالِالْتِزَامِ أَسْقَطْنَا اعْتِبَارَ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ

قَالَ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ أُمَّهُ أَوْ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَهُوَ ابْنُهُ ادَّعَاهُ أَوْ نَفَاهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَنْكِحَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَهَا حُكْمُ الصِّحَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِهِ الْإِحْصَانُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا هُوَ فَاسِدٌ، وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ وَالصَّحِيحُ يَثْبُتُ النَّسَبُ بِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>